ورود کاربران

هفدهم ربیع الاول - باب فی ولادة مولانا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بخش عربی

 

بخش عربی ولادت پیامبر و امام صدق علیهما السلام 

 

بحار الأنوار    ج‏15    331     باب 3 تاريخ ولادته ص و ما يتعلق بها و ما ظهر عندها من المعجزات و الكرامات و المنامات ..... ص : 248

باب 3 تاريخ ولادته ص و ما يتعلق بها و ما ظهر عندها من المعجزات و الكرامات و المنامات‏

اعلم أنه اتفقت الإمامية إلا من شذ منهم على أن ولادته ص في سابع عشر شهر ربيع الأول و ذهب أكثر المخالفين إلى أنها كانت في الثاني عشر منه و اختاره الكليني رحمه الله على ما سيأتي إما اختيارا أو تقية و ذهب شاذ من المخالفين إلى أنه ولد في شهر رمضان‏ «1» لأنهم اتفقوا على أن بدء الحمل به ص كان في عشية عرفة

______________________________
(1) ذكر المقريزى فى امتاع الاسماع: 3 جماع أقوالهم فى ولادته صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: ولد محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم بمكة فى دار عرفت بدار ابن يوسف من شعب بنى هاشم يوم الاثنين لاثنتى عشرة خلت من ربيع الاول، و قيل: لليلتين خلتا منه، و قيل: ولد ثالثه، و قيل:

فى عاشره، و قيل: فى ثامنه، و قيل: ولد يوم الاثنين لاثنتى عشرة مضت من رمضان حين طلع الفجر، و قد شذ بذلك الزبير بن بكار، الا أنه موافق لقوله: إن امه صلى اللّه عليه و آله و سلم حملت به أيام التشريق، فيكون حملها مدة تسعة أشهر على العادة الغالبة، و ذلك عام الفيل، قيل:

بعد قدوم الفيل مكة بخمسين يوما، و قيل: بشهر، و قيل: بأربعين يوما، و قيل: قدم الفيل للنصف من المحرم قبل مولده صلى اللّه عليه و آله و سلم بشهرين الا أياما، و قيل: ولد بعد الفيل بثمانية و

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 249

أو أوسط أيام التشريق و اشتهر بينهم أن مدة الحمل كانت تسعة أشهر فيلزم أن تكون الولادة في شهر رمضان و سيأتي الكلام فيه و ذهب شرذمة منهم إلى أن الولادة كانت في ثامن ربيع الأول فأما يوم الولادة فالمشهور بين علمائنا و مدلول أخبارنا أنه كان يوم الجمعة و المشهور بين المخالفين يوم الإثنين ثم الأشهر بيننا و بينهم أنه ص ولد بعد طلوع الفجر و قيل عند الزوال و ذكر جماعة من المؤرخين و أرباب السير أنه كان في ساعة الولادة غفر «1» من منازل القمر طالعا و كان اليوم موافقا للعشرين أو للثامن و العشرين أو الغرة من شهر نيسان الرومي و السابع عشر من دي ماه بحساب الفرس و كانت في عهد كسرى أنوشيروان بعد مضي اثنين و أربعين من ملكه و بعد مضي اثنين و ثمانين و ثمانمائة من وفاة إسكندر الرومي و كان في عام الفيل بعد مضي خمس و خمسين أو أربعين من الواقعة و قيل في يوم الواقعة و قيل بعد ثلاثين سنة منها و قيل بعد أربعين منها و الأصح أنها كانت في تلك العام.

و ذكر أبو معشر البلخي‏ «2» من المنجمين أنه كان طالع ولادته ص الدرجة العشرون من الجدي و كان الزحل و المشتري في العقرب و المريخ في بيته في الحمل و

______________________________
خمسين يوما، و قيل: بعده بعشر سنين، و قيل: بعده بثلاثين عاما، و قيل: ولد قبل الفيل بخمس عشرة سنة، و قيل: قبله بأربعين عاما، و قيل: ولد يوم الفيل، و قيل: ولد سنة ثلاث و عشرين للفيل.

و قيل: ولد فى صفر، و قيل: يوم عاشوراء، و قيل: فى ربيع الاخر، الراجح أنه ولد عام الفيل فى الثانية و الاربعين من ملك كسرى أنوشروان، و هى سنة احدى و ثمانين و ثمانمائة لغلبة الاسكندر بن فيلبس المجدونى على دارا، و هى سنة ألف و ثلاثمائة و ستة عشر لابتداء ملك بخت نصر، و وافق يوم مولده العشرون من نيسان، و ولد بالغفر من المنازل و هو مولد الانبياء، و يقال:

كان طالعه برج الاسد و القمر فيه.

(1) الغفر من منازل القمر قال البيرونى: و تقول العرب: إنه خير المنازل، و قيل: إن مواليد الانبياء قد اتفقت فيه و لا اظن ذلك حقا.

(2) قال اليعقوبى 2: 4 و ولد على ما قال أصحاب الحساب بقران العقرب، قال ما شاء اللّه المنجم:

كان طالع السنة التى كان فيها القران الذى دل على مولد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الميزان اثنتين و عشرين درجة حد الزهرة و بيتها، و المشترى فى العقرب ثلاث درجات و ثلاثا و عشرين‏

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 250

الشمس في الحمل في الشرف و الزهرة في الحوت في الشرف و العطارد أيضا في الحوت و القمر في أول الميزان و الرأس في الجوزاء و الذنب في القوس و كانت في الدار المعروف بدار محمد بن يوسف و كان للنبي ص فوهبه لعقيل بن أبي طالب فباعه أولاده محمد بن يوسف أخا الحجاج فأدخله في داره فلما كان زمن هارون أخذته خيزران أمه فأخرجته و جعلته مسجدا و هو الآن معروف يزار و يصلى فيه و سنذكر الأخبار و الأقوال في تفاصيل تلك الأحوال‏

1 د، العدد القوية فِي كِتَابِ أَسْمَاءِ حُجَجِ اللَّهِ‏ وُلِدَ ص سَابِعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ‏

فِي كِتَابِ الدُّرِّ الصَّحِيحِ‏ أَنَّهُ وُلِدَ ص عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بَعْدَ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ يَوْماً مِنْ هَلَاكِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَ قَالَ الْعَامَّةُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ الثَّامِنَ أَوِ الْعَاشِرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ مُلْكِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ يُقَالُ فِي مُلْكِ هُرْمُزَ بْنِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ مَوْلِدَهُ ص كَانَ لاثنتي [لِاثْنَتَيْنِ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ هُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ ص وُلِدْتُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ وَافَقَ شَهْرَ الرُّومِ الْعِشْرِينَ مِنْ سُبَاطَ «1»

فِي كِتَابِ مَوَالِيدِ الْأَئِمَّةِ ع‏ وُلِدَ النَّبِيُّ ص لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ الزَّوَالِ وَ رُوِيَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِأَرْبَعِينَ‏

______________________________
دقيقه، و زحل فى العقرب ست درجات و ثلاثا و عشرين دقيقة راجعا، و هما فى الثانى من الطوالع، و الشمس فى نظير الطالع فى الحمل أول دقيقة، و الزهرة فى الحمل على درجة و ست و خمسين دقيقة، و عطارد فى الحمل على ثمانى عشرة درجة و ست عشرة دقيقة، و القمر وسط السماء فى السرطان درجة و عشرين دقيقة، و قال الخوارزمى: ثمانى عشرة درجة و ست عشرة دقيقة، و القمر وسط السماء فى السرطان درجة و عشرين دقيقة، و قال الخوارزمى: كانت الشمس يوم ولد فى الثور درجة و القمر فى الاسد على ثمانى عشرة درجة و عشر دقائق، و زحل فى العقرب تسع درجات و أربعين دقيقة راجعا، و المشترى فى العقرب درجتين و عشر دقائق راجعا، و المريخ فى السرطان درجتين و خمسين دقيقة، و الزهرة فى الثور اثنتى عشرة درجة و عشر دقائق.

(1) يقال: سباط و شباط: شهر من الاشهر الشمسية، بين كانون الثانى و أذار، أيامه 29 فى السنة الكبيسة و 28 فى سواها.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 251

سَنَةً وَ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى وَ كَانَتْ فِي مَنْزِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ وَلَدَتْهُ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فِي دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فِي الزَّاوِيَةِ الْقُصْوَى وَ قِيلَ وُلِدَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ آخِرَ النَّهَارِ ثَانِيَ عَشَرَ شَهْرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ تِسْعِمِائَةٍ لِلْإِسْكَنْدَرِ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فِي مُلْكِ أَنُوشِيرَوَانَ‏ «1»

2 قل، إقبال الأعمال ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْجُزْءِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ النُّبُوَّةِ حَدِيثَ‏ «2» أَنَّ الْحَمْلَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ ص كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ‏ «3» جُمَادَى الْآخِرَةِ «4»

3 قل، إقبال الأعمال‏ إِنَّ الَّذِينَ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَانَ عَمَلُهُمْ عَلَى أَنَّ وِلَادَتَهُ الْمُقَدَّسَةَ ص كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ عِنْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ‏ «5»

4 وَ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمُفِيدُ فِي كِتَابِ حَدَائِقِ الرِّيَاضِ، السَّابِعَ عَشَرَ مِنْهُ مَوْلِدُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ ص عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَامَ الْفِيلِ‏ «6» وَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ التَّوَارِيخِ الشَّرْعِيَّةِ نَحْوَهُ‏ «7»

5 كا، الكافي‏ وُلِدَ النَّبِيُّ ص لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ الزَّوَالِ وَ رُوِيَ أَيْضاً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى وَ كَانَتْ فِي مَنْزِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ‏

______________________________
(1) العدد: مخطوط.

(2) أضاف الحديث إلى ما بعده.

(3) قال المصنف فى الهامش: الظاهر (مضت) مكان (بقيت) ليوافق ما هو المشهور من كون الحمل فى أيام التشريق انتهى كلامه قدس اللّه أسراره، قلت: القول بأن حمله كان فى ايام التشريق يوافق القول بولادته فى رمضان كما عرفت فى كلام المقريزى.

(4) الاقبال: 623.

(5)»: 603.

(6) حدائق الرياض: مخطوط.

(7) مسار الشيعة: 24.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 252

وَ وَلَدَتْهُ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فِي دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فِي الزَّاوِيَةِ الْقُصْوَى عَنْ يَسَارِكَ وَ أَنْتَ دَاخِلٌ‏ «1» وَ قَدْ أَخْرَجَتِ الْخَيْزُرَانُ‏ «2» ذَلِكَ الْبَيْتَ فَصَيَّرَتْهُ مَسْجِداً يُصَلِّي النَّاسُ فِيهِ‏ «3»

بيان اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا أورده الشهيد الثاني رحمه الله و جماعة و هو أنه يلزم على ما ذكره الكليني رحمه الله من كون الحمل به ص في أيام التشريق و ولادته في ربيع الأول أن يكون مدة حمله إما ثلاثة أشهر أو سنة و ثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا على أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لا أكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه و الجواب أن ذلك مبني على النسي‏ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و قد نهى الله تعالى عنه و قال‏ إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ قال الشيخ الطبرسي رحمه الله في تفسيره هذه الآية نقلا عن مجاهد كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين و كذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ثم حج النبي ص في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة فقال في خطبته ألا و إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب مضر بين جمادى و شعبان‏ «4» أراد بذلك أن أشهر الحرم رجعت إلى مواضعها و عاد الحج إلى ذي الحجة و بطل النسي‏ء انتهى. «5»

______________________________
(1) فى المصدر: و أنت داخل الدار.

(2) قال المصنف فى الهامش: الخيزران ام الهادى و الرشيد، قال المؤرخون كانت هذه الدار للنبى صلى اللّه عليه و آله و سلم و وهبها عقيل بن أبى طالب، ثم باعها أولاد عقيل بعد أبيهم محمد بن يوسف و هو أخو الحجاج فاشتهرت بدار محمد بن يوسف، فأدخلها محمد فى قصره الذى كانوا يسمونه البيضاء، ثم بعد انقضاء دولة بنى امية حجت خيزران فأفرزتها من القصر و جعلها مسجدا.

(3) الاصول 1: 439.

(4) فى المصدر: و رجب الذى بين جمادى و شعبان.

(5) مجمع البيان 5: 29.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 253

إذا عرفت هذا فقيل إنه على هذا يلزم أن يكون الحج عام مولده ص في جمادى الأولى لأنه ص توفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة و دورة النسي‏ء أربع و عشرون سنة ضعف عدد الشهور فإذا أخذنا من السنة الثانية و الستين و رجعنا تصير السنة الخامس عشر ابتداء الدورة لأنه إذا نقص من اثنتين و ستين ثماني و أربعون تبقى أربع عشرة الاثنتان الأخيرتان منها لذي القعدة و اثنتان قبلهما لشوال و هكذا فتكون الأوليان منها لجمادى الأولى فكان الحج عام مولد النبي ص و هو عام الفيل في جمادى الأولى فإذا فرض أنه ص حملت به أمه في الثاني عشر منه و وضعت في الثاني عشر من ربيع الأول تكون مدة الحمل عشرة أشهر بلا مزيد و لا نقيصة.

أقول و يرد عليه أنه قد أخطأ رحمه الله في حساب الدورة و جعلها أربعا و عشرين سنة إذا الدورة على ما ذكر إنما تتم في خمس و عشرين سنة إذ في كل سنتين يسقط شهر من شهور السنة باعتبار النسي‏ء ففي كل خمس و عشرين سنة تحصل أربع و عشرون حجة تمام الدورة و أيضا على ما ذكره يكون مدة الحمل أحد عشر شهرا إذ لما كان عام مولده أول حج في جمادى الأولى يكون في عام الحمل الحج في ربيع الثاني فالصواب أن يقال كان في عام حمله ص الحج في جمادى الأولى و في عام مولده في جمادى الثانية فعلى ما ذكرنا يتم من عام مولده إلى خمسين سنة من عمره ص دورتان في الحادية و الخمسين تبتدئ الدورة الثالثة من جمادى الثانية و تكون لكل شهر حجتان إلى أن ينتهي إلى الحادية و الستين و الثانية و الستين فيكون الحج فيهما في ذي القعدة و يكون في حجة الوداع الحج في ذي الحجة فتكون مدة الحمل عشرة أشهر.

فإن قلت على ما قررت من أن في كل دورة متأخر سنة ففي نصف الدورة تتأخر ستة أشهر و من ربيع الأول الذي هو شهر المولد إلى جمادى الثانية التي هي شهر الحج نحو من ثلاثة أشهر فكيف يستقيم الحساب على ما ذكرت قلت تاريخ السنة محسوبة من شهر الولادة فمن ربيع الأول من سنة الولادة إلى مثله من سنة ثلاث و ستين تتم اثنتان و ستون و يكون السابع عشر منه ابتداء سنة الثالث و الستين و في الشهر العاشر من تلك السنة أعني ذي الحجة وقع الحج الحادي و الستون و توفي قبل إتمام‏

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 254

تلك السنة على ما ذهبت إليه الشيعة بتسعة عشر يوما فصار عمره ص ثلاثا و ستين إلا تلك الأيام المعدودة و أما ما رواه في كتاب النبوة فيمكن أن يكون الحمل في أول سنة وقع الحج في جمادى الثانية و من سنة الحمل إلى سنة حجة الوداع أربع و ستون سنة و في الخمسين تمام الدورتين و تبتدئ الثالثة من جمادى الثانية و يكون في حجة الوداع و التي قبلها الحج في ذي الحجة و لا يخالف شيئا إلا ما مر عن مجاهد أن حجة الوداع كانت مسبوقة بالحج في ذي القعدة و قوله غير معتمد في مقابلة الخبر إن ثبت أنه رواه خبرا و تكون مدة الحمل على هذا تسعة أشهر إلا يوما فيوافق ما هو المشهور في مدة حمله ص عند المخالفين‏

6 ص، قصص الأنبياء عليهم السلام رُوِيَ‏ أَنَّهُ ص وُلِدَ فِي السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَامَ الْفِيلِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَ قِيلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ قَالَ ص وُلِدْتُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ يَعْنِي أَنُوشِيرَوَانَ بْنَ قُبَادَ قَاتِلَ مَزْدَكَ وَ الزَّنَادِقَةِ «1»

7 ك، إكمال الدين لي، الأمالي للصدوق الدَّقَّاقُ عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانِ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَ‏ «2» عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ‏ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ إِذْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَأَتَيْتُ كَاهِنَةَ قُرَيْشٍ وَ عَلَيَّ مِطْرَفُ خَزٍّ وَ جُمَّتِي تَضْرِبُ مَنْكِبِي فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيَّ عَرَفَتْ فِي وَجْهِيَ التَّغَيُّرَ فَاسْتَوَتْ وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ قَوْمِي فَقَالَتْ مَا شَأْنُ سَيِّدِ الْعَرَبِ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ هَلْ رَابَهُ مِنْ حَدَثَانِ الدَّهْرِ رَيْبٌ فَقُلْتُ لَهَا بَلَى إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ وَ أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ كَأَنَّ شَجَرَةً قَدْ نَبَتَتْ عَلَى ظَهْرِي قَدْ نَالَ رَأْسُهَا السَّمَاءَ وَ ضَرَبَتْ بِأَغْصَانِهَا الشَّرْقَ وَ الْغَرْبَ وَ رَأَيْتُ نُوراً يَزْهَرُ مِنْهَا أَعْظَمَ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ سَبْعِينَ ضِعْفاً وَ رَأَيْتُ الْعَرَبَ وَ الْعَجَمَ سَاجِدَةً لَهَا وَ هِيَ كُلَّ يَوْمٍ تَزْدَادُ عِظَماً وَ نُوراً وَ رَأَيْتُ رَهْطاً مِنْ قُرَيْشٍ يُرِيدُونَ قَطْعَهَا فَإِذَا دَنَوْا مِنْهَا أَخَذَهُمْ شَابٌّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً وَ أَنْظَفِهِمْ ثِيَاباً فَيَأْخُذُهُمْ وَ يَكْسِرُ ظُهُورَهُمْ وَ يَقْلَعُ أَعْيُنَهُمْ فَرَفَعْتُ يَدِي لِأَتَنَاوَلَ غُصْناً مِنْ أَغْصَانِهَا فَصَاحَ بِيَ الشَّابُّ وَ قَالَ مَهْلًا

______________________________
(1) قصص الانبياء: مخطوط.

(2) فى المصدر: يحدث.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 255

لَيْسَ لَكَ مِنْهَا نَصِيبٌ فَقُلْتُ لِمَنِ النَّصِيبُ وَ الشَّجَرَةُ مِنِّي فَقَالَ النَّصِيبُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ تَعَلَّقُوا بِهَا وَ سَيَعُودُ إِلَيْهَا فَانْتَبَهْتُ مَذْعُوراً فَزِعاً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ فَرَأَيْتُ لَوْنَ الْكَاهِنَةِ قَدْ تَغَيَّرَ ثُمَّ قَالَتْ لَئِنْ صَدَقَتْ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ صُلْبِكَ وَلَدٌ يَمْلِكُ الشَّرْقَ وَ الْغَرْبَ وَ يُنَبَّأُ «1» فِي النَّاسِ فتسرى‏ «2» [فَسُرِّيَ عَنِّي غَمِّي فَانْظُرْ أَبَا طَالِبٍ لَعَلَّكَ تَكُونُ أَنْتَ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَ النَّبِيُّ ص قَدْ خَرَجَ وَ يَقُولُ كَانَتِ الشَّجَرَةُ وَ اللَّهِ أَبَا الْقَاسِمِ الْأَمِينَ‏ «3»

توضيح قال الجزري المطرف بكسر الميم و فتحها و ضمها الثوب الذي في طرفيه علمان و قال الجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين و قال الجوهري هي بالضم مجتمع شعر الرأس.

أقول لعل ذكر هذا إما لبيان شرافته بأن يكون إرسال الجمة من خواص الشرفاء أو اضطرابه و ارتعاده و الريب نازلة الدهر و رابه أمر رأى منه ما يكره قوله و سيعود إليها يحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بها الذين يريدون قلعها و يكون قوله و ستعود بالتاء أي ستعود تلك الجماعة بعد منازعتهم و محاربتهم إلى هذه الشجرة و يؤمنون بها فيكون لهم النصيب منها أو بالياء فيكون المستتر راجعا إلى الرسول ص و البارز في منها إلى الجماعة أي سيعود النبي ص إليهم بعد إخراجهم له فيؤمنون به فيكون إشارة إلى فتح مكة أو يكون المستتر راجعا إلى الشاب و البارز إلى الشجرة أي سيرجع هذا الشاب إلى الشجرة في اليقظة كما تعلق بها في النوم و على هذا يحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بها أبا طالب و أضرابه ممن لم يذكروا قبل و يحتمل أن يكون المستتر راجعا إلى النصيب و البارز إلى الشجرة أي يكون له ص ثواب إسلامهم و يحتمل أن يكون ستعود بصيغة الخطاب أي ستعود يا عبد المطلب إليه ص عند ولادته لكن لا تبلغ و لا تدرك وقت نبوته قوله لعلك تكون أنت أي ذلك الشاب و يحتمل أن يكون الشاب أمير المؤمنين ع‏

______________________________
(1) فى كمال الدين: يتنبأ، و فيه: فسرى. و فيه: يا ابا طالب.

(2) سرى عنه أو عن قلبه: كشف عنه الهم.

(3) كمال الدين: 103، الامالى: 158.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 256

8 ك، إكمال الدين لي، الأمالي للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي الْعَبَّاسَ يُحَدِّثُ قَالَ‏ وُلِدَ لِأَبِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْنَا فِي وَجْهِهِ نُوراً يَزْهَرُ كَنُورِ الشَّمْسِ فَقَالَ أَبِي إِنَّ لِهَذَا الْغُلَامِ شَأْناً عَظِيماً قَالَ فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَنْخِرِهِ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَطَارَ فَبَلَغَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ رَجَعَ رَاجِعاً حَتَّى سَقَطَ عَلَى بَيْتِ الْكَعْبَةِ فَسَجَدَتْ لَهُ قُرَيْشٌ كُلُّهَا فَبَيْنَمَا النَّاسُ يَتَأَمَّلُونَهُ إِذْ صَارَ نُوراً بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ امْتَدَّ حَتَّى بَلَغَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا انْتَبَهْتُ سَأَلْتُ كَاهِنَةَ بَنِي مَخْزُومٍ فَقَالَتْ يَا عَبَّاسُ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ صُلْبِهِ وَلَدٌ يَصِيرُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ تَبَعاً لَهُ قَالَ أَبِي فَهَمَّنِي أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَنْ تَزَوَّجَ بِآمِنَةَ وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَ أَتَمِّهَا خَلْقاً فَلَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ وَ وَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولَ اللَّهِ ص أَتَيْتُهُ فَرَأَيْتُ النُّورَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ يَزْهَرُ فَحَمَلْتُهُ وَ تَفَرَّسْتُ فِي وَجْهِهِ فَوَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ وَ صِرْتُ كَأَنِّي قِطْعَةُ مِسْكٍ مِنْ شِدَّةِ رِيحِي فَحَدَّثَتْنِي آمِنَةُ وَ قَالَتْ لِي إِنَّهُ لَمَّا أَخَذَنِي الطَّلْقُ وَ اشْتَدَّ بِيَ الْأَمْرُ سَمِعْتُ جَلَبَةً وَ كَلَاماً لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَ رَأَيْتُ عَلَماً مِنْ سُنْدُسٍ عَلَى قَضِيبٍ مِنْ يَاقُوتٍ قَدْ ضُرِبَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رَأَيْتُ نُوراً يَسْطَعُ مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَاءَ وَ رَأَيْتُ قُصُورَ الشَّامَاتِ كَأَنَّهَا شُعْلَةُ نَارٍ نُوراً وَ رَأَيْتُ حَوْلِي مِنَ الْقَطَاةِ أَمْراً عَظِيماً قَدْ نَشَرَتْ‏ «1» أَجْنِحَتَهَا حَوْلِي وَ رَأَيْتُ شَعِيرَةَ الْأَسَدِيَّةَ قَدْ مَرَّتْ وَ هِيَ تَقُولُ آمِنَةُ مَا لَقِيَتِ الْكُهَّانُ وَ الْأَصْنَامُ مِنْ وَلَدِكِ وَ رَأَيْتُ رَجُلًا شَابّاً مِنْ أَتَمِّ النَّاسِ طُولًا وَ أَشَدِّهِمْ بَيَاضاً وَ أَحْسَنِهِمْ ثِيَاباً مَا ظَنَنْتُهُ إِلَّا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدْ دَنَا مِنِّي فَأَخَذَ الْمَوْلُودَ فَتَفَلَ فِي فِيهِ وَ مَعَهُ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَضْرُوبٍ بِالزُّمُرُّدِ وَ مُشْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فَشَقَّ بَطْنَهُ شَقّاً ثُمَّ أَخْرَجَ قَلْبَهُ فَشَقَّهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ نُكْتَةً سَوْدَاءَ فَرَمَى بِهَا «2» ثُمَّ أَخْرَجَ صُرَّةً مِنْ حَرِيرَةٍ خَضْرَاءَ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا كَالذَّرِيرَةِ الْبَيْضَاءِ فَحَشَاهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَا كَانَ وَ مَسَحَ عَلَى بَطْنِهِ وَ اسْتَنْطَقَهُ فَنَطَقَ‏

______________________________
(1) و قد نشرت خ ل و هو الموجود فى الامالى.

(2) الحديث كما ترى مروى من طرق العامة، متضمن ما يخالف مذهب الامامية، و هو شق القلب و إخراج نكتة سوداء، و قد ورد ذلك فى أخبارهم.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 257

فَلَمْ أَفْهَمْ مَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ حِفْظِهِ وَ كِلَاءَتِهِ قَدْ حَشَوْتُ قَلْبَكَ إِيمَاناً وَ عِلْماً وَ حِلْماً وَ يَقِيناً وَ عَقْلًا وَ شَجَاعَةً «1» أَنْتَ خَيْرُ الْبَشَرِ طُوبَى لِمَنْ اتَّبَعَكَ وَ وَيْلٌ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ ثُمَّ أَخْرَجَ صُرَّةً أُخْرَى مِنْ حَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا خَاتَمٌ فَضَرَبَ عَلَى كَتِفَيْهِ‏ «2» ثُمَّ قَالَ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَنْفُخَ فِيكَ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ فَنَفَخَ فِيهِ وَ أَلْبَسَهُ قَمِيصاً وَ قَالَ هَذَا أَمَانُكَ مِنْ آفَاتِ الدُّنْيَا فَهَذَا مَا رَأَيْتُ يَا عَبَّاسُ بِعَيْنِي قَالَ الْعَبَّاسُ وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ أَقْرَأُ «3» فَكَشَفْتُ عَنْ ثَوْبِهِ فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَلَمْ أَزَلْ أَكْتُمُ شَأْنَهُ وَ أُنْسِيتُ‏ «4» الْحَدِيثَ فَلَمْ أَذْكُرْهُ إِلَى يَوْمِ إِسْلَامِي حَتَّى ذَكَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص‏ «5»

بيان الجلبة اختلاط الأصوات و السندس بالضم ما رق من الديباج و رفع‏ «6»

9 لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ع قَالَ‏ كَانَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَخْتَرِقُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى ع حُجِبَ عَنْ ثَلَاثِ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَ يَخْتَرِقُ أَرْبَعَ سَمَاوَاتٍ فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص حُجِبَ عَنِ السَّبْعِ كُلِّهَا وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ وَ قَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ أَهْلَ الْكُتُبِ يَذْكُرُونَهُ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَ كَانَ مِنْ أَزْجَرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ انْظُرُوا هَذِهِ النُّجُومَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَ يُعْرَفُ بِهَا أَزْمَانُ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ فَإِنْ كَانَ رُمِيَ بِهَا فَهُوَ هَلَاكُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ إِنْ كَانَتْ ثَبَتَتْ وَ رُمِيَ بِغَيْرِهَا فَهُوَ أَمْرٌ حَدَثٌ وَ أَصْبَحَتِ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا صَبِيحَةَ وُلِدَ النَّبِيُّ ص لَيْسَ مِنْهَا صَنَمٌ إِلَّا وَ هُوَ مُنْكَبٌّ عَلَى وَجْهِهِ وَ ارْتَجَسَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِيوَانُ كِسْرَى وَ سَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً وَ غَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَ فَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ

______________________________
(1) فى كمال الدين: و حكما، مكان و عقلا.

(2) بين كتفيه خ ل و فى المصدر: فضرب به على كتفيه.

(3) و عمى العباس فى أواخر عمره.

(4) فى كمال الدين: نسيت. قلت: حديث النسيان لا يخلو عن غرابة.

(5) كمال الدين: 104 و 105، الامالى: 158 و 159.

(6) رفع الثوب: خلاف غلظ.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 258

وَ خَمَدَتْ نِيرَانُ فَارِسَ وَ لَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ وَ رَأَى الْمُؤْبَذَانُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْمَنَامِ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيْلًا عِرَاباً «1» قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَ انْسَرَبَتْ فِي بِلَادِهِمْ وَ انْقَصَمَ طَاقُ الْمَلِكِ كِسْرَى مِنْ وَسَطِهِ وَ انْخَرَقَتْ عَلَيْهِ دِجْلَةُ الْعَوْرَاءُ وَ انْتَشَرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نُورٌ مِنْ قِبَلِ الْحِجَازِ ثُمَّ اسْتَطَارَ حَتَّى بَلَغَ الْمَشْرِقَ وَ لَمْ يَبْقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوساً وَ الْمَلِكُ مُخْرِساً لَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَ انْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ وَ بَطَلَ سِحْرُ السَّحَرَةِ وَ لَمْ تَبْقَ كَاهِنَةٌ فِي الْعَرَبِ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبِهَا وَ عَظُمَتْ قُرَيْشٌ فِي الْعَرَبِ وَ سُمُّوا آلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا سُمُّوا آلَ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ قَالَتْ آمِنَةُ إِنَّ ابْنِي وَ اللَّهِ سَقَطَ فَاتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ سَمِعْتُ فِي الضَّوْءِ قَائِلًا يَقُولُ إِنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ سَيِّدَ النَّاسِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّداً وَ أُتِيَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ قَدْ بَلَغَهُ مَا قَالَتْ أُمُّهُ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَانِي هَذَا الْغُلَامَ الطَّيِّبَ الْأَرْدَانِ قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ ثُمَّ عَوَّذَهُ بِأَرْكَانِ الْكَعْبَةِ وَ قَالَ فِيهِ أَشْعَاراً قَالَ وَ صَاحَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي أَبَالِسَتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالُوا مَا الَّذِي أَفْزَعَكَ يَا سَيِّدَنَا فَقَالَ لَهُمْ وَيْلَكُمْ لَقَدْ أَنْكَرْتُ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ عَظِيمٌ مَا حَدَثَ مِثْلُهُ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع فَاخْرُجُوا وَ انْظُرُوا مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي قَدْ حَدَثَ فَافْتَرَقُوا ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا مَا وَجَدْنَا شَيْئاً فَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنَا لِهَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ انْغَمَسَ فِي الدُّنْيَا فَجَالَهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَدَ الْحَرَمَ مَحْفُوظاً بِالْمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ لِيَدْخُلَ فَصَاحُوا بِهِ فَرَجَعَ ثُمَّ صَارَ مِثْلَ الصِّرِّ وَ هُوَ الْعُصْفُورُ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ حَرَى‏ «2» فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ وَرَاكَ لَعَنَكَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فِي الْأَرْضِ‏

______________________________
(1) خيل عراب: كرائم سالمة من الهجنة.

(2) فى المصدر: حراء، و هو بالكسر و المد و هو الاصح من القصر.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 259

فَقَالَ لَهُ وُلِدَ مُحَمَّدٌ ص فَقَالَ لَهُ هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ فَفِي أُمَّتِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَضِيتُ‏ «1»

توضيح الزجر بالفتح العيافة و هو نوع من التكهن تقول زجرت أنه يكون كذا و الارتجاس الاضطراب و التزلزل الذي يسمع منه الصوت الشديد و غاض الماء بالغين و الضاد المعجمتين أي قل و نضب قال الجزري و منه حديث سطيح و غاضت بحيرة ساوة أي غار ماؤها و ذهب و السماوة بالفتح موضع بين الكوفة و الشام و قال الخليل في العين هي فلاة بالبادية تتصل بالشام و المؤبذان بضم الميم و فتح الباء فقيه الفرس و حاكم المجوس كالمؤبذ ذكره الفيروزآبادي و قال الجزري في حديث سطيح فأرسل كسرى إلى المؤبذان المؤبذان للمجوس كقاضي القضاة للمسلمين و المؤبذ كالقاضي و انسرب الثعلب في حجره [جُحْرِهِ أي دخل.

قوله ع و انخرقت عليه دجلة العوراء يظهر مما سيأتي أن كسرى كان سكر «2» بعض الدجلة و بنى عليها بناء فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء «3» لأنه عور و طم‏ «4» بعضها فانخرقت عليه و انهدم بنيانه و رأيت في بعض المواضع بالغين المعجمة من إضافة الموصوف إلى الصفة أي العميقة و الأردان جمع الردن بالضم و هو أصل الكم و لعله إنما خصها بالطيب لأن الرائحة الخبيثة غالبا تكون فيها لمجاورتها للآباط قال الشاعر.

و عمرة من سروات النساء.

 

تنفح بالمسك أردانها.

 

 

 

 

قوله ثم عوذه بأركان الكعبة أي مسحه بها أو دعا له عندها أو كتب أسماءها و علقه عليه ص.

قال الفيروزآبادي الصر طائر كالعصفور أصفر و قال الجزري هو عصفور

______________________________
(1) الامالى: 171 و 172.

(2) سكر النهر: جعل له سدا.

(3) فى معجم البلدان 4: 167: دجلة العوراء: دجلة البصرة.

(4) عارت عين الماء: دفنت فانسدت عيونها، و الطم بمعناه.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 260

أو طائر في قده أصفر اللون و في بعض النسخ و العصفور و قال الفيروزآبادي حَرَى كعَلَى جبل بمكة معروف فيه الغار و قال الجوهري و غيره إنه بالكسر و المد

10 ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْجِعَابِيُ‏ «1» عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الْجُعْفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصِ بْنِ رَاشِدٍ الْهِلَالِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ [ابْنِ سَرِيعٍ‏ «2» الْبَارِقِيِّ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع يَقُولُ‏ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ ص وُلِدَ لَيْلًا فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ عُتْبَةُ وَ شَيْبَةُ فَقَالَ أَ وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ قَالُوا لَا وَ مَا ذَاكَ قَالَ لَقَدْ وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ أَوْ بِفِلَسْطِينَ مَوْلُودٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِهِ شَامَةٌ يَكُونُ هَلَاكُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى يَدَيْهِ فَسَأَلُوا فَأُخْبِرُوا فَطَلَبُوهُ فَقَالُوا لَقَدْ وُلِدَ فِينَا غُلَامٌ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ أُنَبِّئَكُمْ أَوْ بَعْدُ قَالُوا قَبْلُ قَالَ فَانْطَلِقُوا مَعِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَتَوْا أُمَّهُ وَ هُوَ مَعَهُمْ فَأَخْبَرَتْهُمْ كَيْفَ سَقَطَ وَ مَا رَأَتْ مِنَ النُّورِ قَالَ الْيَهُودِيُّ فَأَخْرِجِيهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَ نَظَرَ إِلَى الشَّامَةِ فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَأَدْخَلَتْهُ أُمُّهُ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالُوا لَهُ وَيْلَكَ مَا لَكَ قَالَ ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَذَا وَ اللَّهِ مُبِيرُهُمْ فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ بِذَلِكَ فَلَمَّا رَأَى فَرَحَهُمْ قَالَ وَ اللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الشَّرْقِ وَ أَهْلُ الْغَرْبِ‏ «3»

بيان فلسطين بكسر الفاء و فتح اللام الكورة المعروفة ما بين الأردن و ديار مصر و أم بلادها بيت المقدس و لعل ترديده لأنه رأى علامة ولادة نبي فشك أنه خاتم الأنبياء فيكون مولده بمكة أو غيره فيكون في بيت المقدس أو لم يكن يتبين له أن مولد خاتم الأنبياء مكة أو فلسطين و السطو القهر و البطش يقال سطا به و عليه‏

11 ج، الإحتجاج عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏ فِي خَبَرِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ ص قَالَ فَإِنَّ هَذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ

______________________________
(1) فيه وهم فان الشيخ الطوسى لا يروى عن الجعابى بغير واسطة، بل يروى عنه بواسطة المفيد فالصحيح كما فى المصدر: محمد بن محمد عن الجعابى.

(2) فى المصدر: محمد بن عباد بن سريع البارقى، و هو الصحيح، و الرجل مذكور فى رجال الشيخ فى أصحاب الصادق عليه السلام.

(3) الامالى: 90.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 261

صَبِيّاً قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ ص سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَاضِعاً يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ وَ رَافِعاً يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى السَّمَاءِ وَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ وَ بَدَا مِنْ فِيهِ نُورٌ رَأَى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْهُ قُصُورَ بُصْرَى مِنَ الشَّامِ وَ مَا يَلِيهَا وَ الْقُصُورَ الْحُمْرَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ وَ مَا يَلِيهَا وَ الْقُصُورَ الْبِيضَ مِنْ إِصْطَخْرَ وَ مَا يَلِيهَا وَ لَقَدْ أَضَاءَتِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ وُلِدَ النَّبِيُّ ص حَتَّى فَزِعَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّيَاطِينُ وَ قَالُوا يَحْدُثُ‏ «1» فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ وَ لَقَدْ رَأَتِ الْمَلَائِكَةَ لَيْلَةَ وُلِدَ تَصْعَدُ وَ تَنْزِلُ وَ تُسَبِّحُ وَ تُقَدِّسُ وَ تَضْطَرِبُ النُّجُومُ وَ تَتَسَاقَطُ النُّجُومُ عَلَامَاتٍ لِمِيلَادِهِ وَ لَقَدْ هَمَّ إِبْلِيسُ بِالظَّعْنِ فِي السَّمَاءِ لِمَا رَأَى مِنَ الْأَعَاجِيبِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَ كَانَ لَهُ مَقْعَدٌ فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ الشَّيَاطِينُ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ فَلَمَّا رَأَوُا الْأَعَاجِيبَ أَرَادُوا أَنْ يَسْتَرِقُوا السَّمْعَ فَإِذَا هُمْ قَدْ حُجِبُوا مِنَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا وَ رُمُوا بِالشُّهُبِ دَلَالَةً لِنُبُوَّتِهِ ص‏ «2»

بيان بصرى بلد بالشام و إصطخر بالفارس معروف قوله ع و لقد رأت الملائكةَ أي الشياطين رأوهم‏

12 لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‏ قُلْتُ لِكَعْبٍ وَ هُوَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ كَيْفَ تَجِدُونَ صِفَةَ مَوْلِدِ النَّبِيِّ ص وَ هَلْ تَجِدُونَ لِعِتْرَتِهِ فَضْلًا فَالْتَفَتَ كَعْبٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ لِيَنْظُرَ كَيْفَ هَوَاهُ فَأَجْرَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى لِسَانِهِ فَقَالَ هَاتِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ رَحِمَكَ اللَّهُ مَا عِنْدَكَ فَقَالَ كَعْبٌ إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ كِتَاباً كُلُّهَا أُنْزِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَ قَرَأْتُ صُحُفَ دَانِيَالَ كُلَّهَا وَ وَجَدْتُ فِي كُلِّهَا ذِكْرَ مَوْلِدِهِ وَ مَوْلِدِ عِتْرَتِهِ وَ إِنَّ اسْمَهُ لَمَعْرُوفٌ وَ إِنَّهُ لَمْ يُولَدْ نَبِيٌّ قَطُّ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا خَلَا عِيسَى وَ أَحْمَدَ ص وَ مَا ضُرِبَ عَلَى آدَمِيَّةٍ حُجُبُ الْجَنَّةِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَ آمِنَةَ أُمِّ أَحْمَدَ ص وَ مَا وُكِّلَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأُنْثَى حَمَلَتْ غَيْرَ مَرْيَمَ أُمِّ الْمَسِيحِ ع وَ آمِنَةَ أُمِّ أَحْمَدَ ص وَ كَانَ مِنْ عَلَامَةِ حَمْلِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي حَمَلَتْ آمِنَةُ بِهِ ص‏

______________________________
(1) فى المصدر: حدث.

(2) الاحتجاج: 118 و 119. و الحديث طويل أخرجه المصنف فى كتاب الاحتجاجات، راجع ج 10: 28- 49.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 262

نَادَى مُنَادٍ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ أَبْشِرُوا فَقَدْ حَمَلَ اللَّيْلَةَ بِأَحْمَدَ وَ فِي الْأَرَضِينَ كَذَلِكَ حَتَّى فِي الْبُحُورِ وَ مَا بَقِيَ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ دَابَّةٌ تَدِبُّ وَ لَا طَائِرٌ يَطِيرُ إِلَّا عَلِمَ بِمَوْلِدِهِ وَ لَقَدْ بُنِيَ فِي الْجَنَّةِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَ سَبْعُونَ أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ رَطْبٍ فَقِيلَ هَذِهِ قُصُورُ الْوِلَادَةِ وَ نُجِّدَتِ‏ «1» الْجِنَانُ وَ قِيلَ لَهَا اهْتَزِّي وَ تَزَيَّنِي فَإِنَّ نَبِيَّ أَوْلِيَائِكِ قَدْ وُلِدَ فَضَحِكَتِ الْجَنَّةُ يَوْمَئِذٍ فَهِيَ ضَاحِكَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ بَلَغَنِي أَنَّ حُوتاً «2» مِنْ حِيتَانِ الْبَحْرِ يُقَالُ لَهُ طُمُوسَا وَ هُوَ سَيِّدُ الْحِيتَانِ لَهُ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ ذَنَبٍ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِهِ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ ثَوْرٍ الْوَاحِدُ مِنْهَا أَكْبَرُ مِنَ الدُّنْيَا لِكُلِّ ثَوْرٍ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ قَرْنٍ مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ لَا يَشْعُرُ بِهِنَّ اضْطَرَبَ فَرَحاً بِمَوْلِدِهِ وَ لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ثَبَّتَهُ لَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ يَوْمَئِذٍ مَا بَقِيَ جَبَلٌ إِلَّا نَادَى صَاحِبَهُ بِالْبِشَارَةِ وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَقَدْ خَضَعَتِ الْجِبَالُ كُلُّهَا لِأَبِي قُبَيْسٍ كَرَامَةً لِمُحَمَّدٍ ص وَ لَقَدْ قَدَّسَتِ الْأَشْجَارُ أَرْبَعِينَ يَوْماً بِأَنْوَاعِ أَفْنَانِهَا وَ ثِمَارِهَا فَرَحاً بِمَوْلِدِهِ ص وَ لَقَدْ ضُرِبَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ سَبْعُونَ عَمُوداً مِنْ أَنْوَاعِ الْأَنْوَارِ لَا يُشْبِهُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَ قَدْ بُشِّرَ آدَمُ ع بِمَوْلِدِهِ فَزِيدَ فِي حُسْنِهِ سَبْعِينَ صِنْفاً «3» وَ كَانَ قَدْ وَجَدَ مَرَارَةَ الْمَوْتِ وَ كَانَ قَدْ مَسَّهُ ذَلِكَ فَسُرِّيَ عَنْهُ ذَلِكَ وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْكَوْثَرَ اضْطَرَبَ فِي الْجَنَّةِ وَ اهْتَزَّ فَرَمَى بِسَبْعِمِائَةِ أَلْفِ قَصْرٍ مِنْ قُصُورِ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ نُثَاراً لِمَوْلِدِ مُحَمَّدٍ ص وَ لَقَدْ زُمَّ إِبْلِيسُ وَ كُبِلَ وَ أُلْقِيَ فِي الْحِصْنِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ غَرِقَ عَرْشُهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَقَدْ تَنَكَّسَتِ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا وَ صَاحَتْ وَ وَلْوَلَتْ وَ لَقَدْ سَمِعُوا صَوْتاً مِنَ الْكَعْبَةِ يَا آلَ قُرَيْشٍ قَدْ جَاءَكُمُ الْبَشِيرُ جَاءَكُمُ النَّذِيرُ مَعَهُ الْعِزُّ الْأَبَدُ وَ الرِّبْحُ الْأَكْبَرُ وَ هُوَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَ نَجِدُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ عِتْرَتَهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَهُ وَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ النَّاسُ فِي أَمَانٍ مِنَ الْعَذَابِ مَا دَامَ مِنْ عِتْرَتِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا

______________________________
(1) أى زينت.

(2) هذا من أعاجيب قصص كعب الاحبار و هو من رواة العامة، يقول ذلك و لا يشعر بان ذلك الحوت الذى على ظهره سبعمائة ألف ثور الواحد منها أكبر من الدنيا يحتاج إلى مكان يكون أوسع من الدنيا بأضعاف كثيرة، فكيف يمكن أن يكون فى بحر من الدنيا؟! ان قلت: إن مراده أنه فى بحر من الجنة، قلت: فما معنى لقوله: جعل عاليها سافلها؟!.

(3) ضعفا خ ل و هو الموجود فى المصدر.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 263

خَلْقٌ يَمْشِي فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ وَ مَنْ عِتْرَتُهُ قَالَ كَعْبٌ وُلْدُ فَاطِمَةَ فَعَبَسَ وَجْهُهُ وَ عَضَّ عَلَى شفييه [شَفَتَيْهِ وَ أَخَذَ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ كَعْبٌ وَ إِنَّا نَجِدُ صِفَةَ الْفَرْخَيْنِ الْمُسْتَشْهَدَيْنِ وَ هُمَا فَرْخَا فَاطِمَةَ ع يَقْتُلُهُمَا شَرُّ الْبَرِيَّةِ قَالَ فَمَنْ يَقْتُلُهُمَا قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ قُومُوا إِنْ شِئْتُمْ فَقُمْنَا «1»

بيان التنجيد التزيين و الأفنان الأغصان و سري عنه الهم بالتشديد على بناء المفعول أي انكشف و الزمّ الشد و الكبل القيد الضخم يقال كبلت الأسير و كبلته‏

13 مع، معاني الأخبار الدَّقَّاقُ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْفَارِسِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ رَحِمَهَا اللَّهُ جَاءَتْ إِلَى أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تُبَشِّرُهُ‏ «2» بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ ص فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ اصْبِرِي لِي سَبْتاً آتِيكِ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّبُوَّةَ وَ قَالَ السَّبْتُ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ثَلَاثُونَ سَنَةً «3»

بيان قال الجوهري و الفيروزآبادي السبت الدهر

14 ك، إكمال الدين أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُزْمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ يَعْلَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ وَلَدِ جَرِيرِ «4» بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَخْزُومِ بْنِ هَانِي عَنْ أَبِيهِ وَ أَتَتْ لَهُ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً قَالَ‏ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةٌ وُلِدَ «5» فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ص ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى وَ سَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً وَ غَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَ خَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ وَ لَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ رَأَى الْمُوبَذَانُ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيْلًا عِرَاباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ «6»

______________________________
(1) الامالى: 357 و 356.

(2) مبشرة خ ل.

(3) معانى الاخبار: 114.

(4) فى المصدر: من ولد جرير.

(5) فى المصدر: الليلة التى ولد.

(6) فى المصدر: الدجلة.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 264

وَ انْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى هَالَهُ مَا رَأَى فتصير [فَتَصَبَّرَ عَلَيْهَا «1» تَشَجُّعاً ثُمَّ رَأَى أَنْ لَا يُسَرَّ ذَلِكَ عَنْ وُزَرَائِهِ فَلَبِسَ تَاجَهُ وَ جَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ وَ جَمَعَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا رَأَى فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ «2» فَازْدَادَ غَمّاً إِلَى غَمِّهِ فَقَالَ الْمُوبَذَانُ وَ أَنَا أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ثُمَّ قَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ فِي الْإِبِلِ وَ الْخَيْلِ فَقَالَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُوبَذَانُ وَ كَانَ أَعْلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ فَقَالَ حَادِثٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ فَكَتَبَ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ كِسْرَى الْمَلِكِ‏ «3» إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَمَّا بَعْدُ فَتَوَجَّهْ‏ «4» إِلَيَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِعَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَيَّانَ بْنِ تَغْلِبَةَ «5» الْغَسَّانِيِّ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ عِنْدَكَ‏ «6» عِلْمُ مَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ قَالَ لِيَسْأَلْنِي الْمَلِكُ وَ يُخْبِرُنِي‏ «7» فَإِنْ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ مِنْهُ وَ إِلَّا أَخْبَرْتُهُ مَنْ يَعْلَمُهُ‏ «8» فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى فَقَالَ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ بِمَشَارِفِ‏ «9» الشَّارِمِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ قَالَ فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ وَ أَخْبِرْنِي بِمَا يَرُدُّ عَلَيْكَ فَخَرَجَ عَبْدُ الْمَسِيحِ حَتَّى وَرَدَ عَلَى سَطِيحٍ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ حَيَّاهُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سَطِيحٌ جَوَاباً فَأَنْشَأَ عَبْدُ الْمَسِيحِ يَقُولُ‏

أَصَمَّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ‏ «10» الْيَمَنِ‏

 

أَمْ فَازَ «11» فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنِ‏

يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَ مَنْ‏

 

وَ كَاشِفَ الْكُرْبَةِ فِي الْوَجْهِ الْغَضَنِ‏

 

 

 

______________________________
(1) هكذا فى النسخة، و الصحيح: فتصبر عليها، و فى المصدر: فتصبر عليها و هو مصحف.

 

(2) فى المصدر: نار فارس.

 

(3) فى المصدر: ملك الملوك.

 

(4) فى المصدر: فوجه.

 

(5) نفيلة خ ل و هو الموجود فى المصدر.

 

(6) فى المصدر: أعندك.

 

(7) فى المصدر: أو ليخبرنى.

 

(8) بمن يعلمه خ ل و هو الموجود فى المصدر.

 

(9) بمشارق خ ل.

 

(10) الغطريف: السيد الحسن. السرى.

 

(11) فاد خ ل.

 

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 265

 

أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنٍ‏ «1»

 

وَ أُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنٍ‏

أَزْرَقُ‏ «2» ضَخْمِ النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنِ‏

 

أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَ الْبَدَنِ‏

رَسُولُ قَيْلِ الْعُجْمِ كِسْرَى لِلْوَسَنِ‏

 

لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَ لَا رَيْبَ الزَّمَنِ‏

تَجُوبُ فِي‏ «3» الْأَرْضِ عَلَنْدَاةٌ شَجَنٌ‏

 

تَرْفَعُنِي طَوْراً وَ تَهْوِي بِي دَجَنٌ‏

حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِئِ وَ الْقَطَنِ‏

 

تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنِ‏

 

 

 

فَلَمَّا سَمِعَ سَطِيحٌ شِعْرَهُ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ عَلَى جَمِيلٍ يَسِيحُ إِلَى سَطِيحٍ وَ قَدْ أَوْفَى عَلَى الضَّرِيحِ‏ «4» بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ‏ «5» وَ خُمُودِ النِّيرَانِ وَ رُؤْيَا الْمُوبَذَانِ رَأَى إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيْلًا عِرَاباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَ انْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا وَ غَاضَ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ فَقُلْ يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذَا كَثُرَتِ التِّلَاوَةُ وَ بُعِثَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ وَ فَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ وَ غَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ فَلَيْسَ الشَّامُ لِسَطِيحٍ شَاماً يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَ مَلِكَاتٌ عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ ثُمَّ قَضَى سَطِيحٌ مَكَانَهُ فَنَهَضَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلَى رَحْلِهِ وَ هُوَ يَقُولُ‏

شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الْعَزْمِ شِمِّيرٌ

 

لَا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وَ تَغْيِيرٌ

إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُمْ‏

 

فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ

وَ رُبَّمَا كَانَ قَدْ أصخو «6» [أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ

 

تَهَابُ صَوْلَهُمُ‏ «7» الْأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ

فِيهِمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامُ وَ إِخْوَتُهُ‏

 

وَ الْهُرْمُزَانُ وَ سَابُورُ وَ سَابُورُ

وَ النَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا

 

أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَ مَهْجُورٌ

وَ هُمْ بَنُو الْأُمِّ إِمَّا «8» إِنْ رَأَوْا نَشَباً

 

فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَ مَنْصُورٌ

 

 

 

______________________________
(1) فى تاريخ اليعقوبى: من آل يزن. و فى المصدر: من آل ستن.

 

(2) فى المصدر: أورق.

 

(3) فى المصدر: تجوب فى الارض.

 

(4) فى تاريخ اليعقوبى: على جمل مشيح، نحو سطيح، حين أشفى على الضريح.

 

(5) فى تاريخ اليعقوبى: لهدم الايوان.

 

(6) هكذا فى النسخة و المصدر. و لعله مصحف أضحوا، كما فى نسختنا المخطوطة من المصدر.

 

(7) فى المصدر: صولتهم.

 

(8) لما خ ل.

 

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 266

 

وَ الْخَيْرُ وَ الشَّرُّ مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ-

 

وَ الْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَ الشَّرُّ مَحْذُورٌ

 

 

 

قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ سَطِيحٌ فَقَالَ إِلَى أَنْ يَمْلِكَ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكاً قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ قَالَ فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ وَ مَلَكَ الْبَاقُونَ إِلَى إِمَارَةِ عُثْمَانَ وَ كَانَ سَطِيحٌ وُلِدَ فِي سَيْلِ الْعَرِمِ فَعَاشَ إِلَى مُلْكِ ذِي نُوَاسٍ وَ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ قَرْناً وَ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالْبَحْرَيْنِ فَتَزْعُمُ عَبْدُ الْقَيْسِ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ تَزْعُمُ الْأَزْدُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ قَالُوا إِنَّهُ مِنَ الْأَزْدِ وَ لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ غَيْرُ أَنَّ عَقِبَهُ يَقُولُونَ نَحْنُ مِنَ الْأَزْدِ «1»

إيضاح قال في النهاية المشارف القرى التي تقرب من المدن و قيل القرى التي بين بلاد الريف و جزيرة العرب قيل لها ذلك لأنها أشرفت على السواد و الغطريف بالكسر السيد و قال الجزري فاز يفوز فوزا مات و قال يردى بالدال بمعناه و قال ازلمّ أي ذهب مسرعا و أصله ازلأم فحذفت الهمزة تخفيفا و الشأو السبق و الغاية و العنن الاعتراض و شأو العنن اعتراض الموت و سبقه و قيل ازلم قبض و العنن الموت أي عرض له الموت فقبضه قوله يا فاصل الخطة الفاصل المبين الحاكم و الخطة بضم الخاء و تشديد الطاء الخطب و الأمر و الحال أي يا من يبين و يظهر أمورا أعيت و أعجزت من و من أي جماعة كثيرة قال في الفائق أراد أن تلك الخطة لصعوبتها أعجزت من الحكماء و البصراء من جل قدره فحذفت الصلة كما حذفت في قولهم بعد اللتيا و التي إيذانا بأن ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمه.

و قال الجزري الوجه الغضن هو الوجه الذي فيه تكسر و تجعد من شدة الهم و الكرب الذي نزل به و الأزرق صفة البعير و لونه و في بعض الكتب أورق و هو أيضا لون و في بعضها أصك أي الذي يصطك قدماه.

قوله ضخم الناب في بعض الروايات مهم الناب قيل أي تام السن و قال الجزري في حديث سطيح أزرق مهم الناب صرار الأذن أي حديد الناب قال الأزهري هكذا روي و أظنه مهو الناب بالواو يقال سيف مهو أي حديد ماض‏

______________________________
(1) كمال الدين: 112 و 113. و أخرج اليعقوبى مثله مختصرا فى التاريخ 2: 4 و 5.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 267

و أورده الزمخشري ممهي الناب و قال الممهي المحدد من أمهيت الحديدة إذا حددتها شبه بعيره بالنمر لزرقة عينيه و سرعة سيره و قال صر أذنه و صررها سواها و نصبها و الأصوب كون هذا المصرع بعد ذلك في سياق ذكر البعير كما في سائر الكتب فإنه فيها بعد قوله و القطن.

و الفضفاض الواسع و البدن الدرع قال الجزري يريد به كثرة العطاء و قال غيره كناية عن سعة الصدر و القيل بالفتح الملك.

قوله للوسن أي لشأن الرؤيا التي رآها الملك و في بعض النسخ يسري بدل كسرى أي يجري لا يرهب الرعد في بعض الروايات لا يرهب الدهر و تجوب أي تقطع و العلنداة الناقة الصلبة القوية و الشجن بالتحريك الناقة المتداخلة الخلق كأنها شجرة متشجنة أي متصلة الأغصان و في بعض الروايات شزن أي تمشي من نشاطها على جانب و شزن فلان إذا نشط و قيل الشزن الذي أعيا من الجفاء و قيل الغليظ المرتفع كأنه مصدر أي ذات شجن و يقال بات فلان على شزن أي على قلق يتقلب من جنب إلى جنب و أشزان الخيل ضروب نشاطها.

قوله ترفعني طورا في الفائق و النهاية و غيرهما ترفعني وجنا و تهوي بي وجن.

و في بعض الكتب وجناء تهوي من وجن و الوجن و الوجن جمع الوجين و هو الأرض الغليظة و الوجناء الناقة الشديدة أي لم تزل الناقة التي هذه صفتها ترفعني مرة في الأرض بهذه الصفة و تخفضني أخرى و في أكثر نسخ الكتاب دجن بالدال المهملة و الدجنة الظلمة و لعله تصحيف و الجآجي جمع الجؤجؤ و هو الصدر و القطن بالتحريك ما بين الوركين يعني أن السير قد هزلها و ذهب بلحمها و في بعض الروايات عالي الجآجي و هو قريب من العاري لأن العظم إذا عري عن اللحم يرى مرتفعا عاليا و البوغاء التراب الناعم و الدمن بكسر الدال و فتح الميم ما تجمع و تلبد منه قال الجزري كأنه من المقلوب تقديره تلفه الريح في بوغاء الدمن و تشهد له الرواية الأخرى‏

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 268

تلفه الريح ببوغاء الدمن.

و في الفائق و النهاية و غيرها بعدها كأنما حثحث من حضني تكن. «1»

حثحث أسرع و حث و الحضن الجانب و تكن اسم جبل حجازي و المعنى أن من كثرة التراب و الغبار الذي أصابه في سرعة سيره كأنما أعجل من هذا الموضع الذي اجتمع فيه التراب الكثير.

قوله على جمل يسيح في سائر الكتب على جمل مشيح جاء إلى سطيح و المشيح بضم الميم و الحاء المهملة الجاد المسرع و قد أوفى أي أشرف و الضريح القبر أي قرب أن يدخل القبر.

قوله إذا كثرت التلاوة أي تلاوة القرآن و الهراوة العصا و صاحب الهراوة النبي ص لأنه كان يأخذ العنزة «2» بيده و يصلي إليها.

قوله فليس الشام لسطيح شاما أي لم يبق حينئذ سطيح أو يتغير أحوال الشام و في بعض الروايات بعد قوله على عدد الشرفات ثم تكون هنات و هنات أي شدائد و أمور عظام و الشمير الشديد التشمير.

قوله تفريق و تغيير في بعض الروايات تشريد و تغرير.

قوله أفرطهم على صيغة الماضي أي تركهم و زال عنهم و الأطوار الحالات.

قوله دهارير قال الجزري حكى الهروي عن الأزهري أن الدهارير جمع الدهور أراد أن الدهر ذو حالتين من بؤس و نعم و قال الجوهري يقال دهر دهارير أي شديد كقولهم يوم أيوم و قال الزمخشري الدهارير تصاريف الدهر و نوائبه مشتق من لفظ الدهر ليس له واحد من لفظه كعباديد و المهاصير جمع المهصار و هو الشديد الذي يفترس و الصرح القصر قوله أولاد علات أي من أمهات شتى كناية عن عدم الألفة و المحبة بينهم قوله أن قد أقل أي افتقر و قل ما في يده.

______________________________
(1) المصرع موجود فى المصدر و لكن فيه: من حضنى حصن.

(2) العنزة: شبيه العكازة لهازج من أسفلها.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 269

قوله و هم بنو الأم أي يعطف بعضهم على بعض كما هو شأن أولاد أم واحدة و النشب بالتحريك المال و العقار و كلمة إما زائدة و في بعض النسخ لما و هو أظهر

15 ك، إكمال الدين أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ يَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ قَالَ‏ لَمَّا بَلَغَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ زَوَّجَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ الزُّهْرِيِّ فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا «1» حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا حَمَلْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ ص لَمْ أَشْعُرْ بِالْحَمْلِ وَ لَمْ يُصِبْنِي مَا يُصِيبُ النِّسَاءَ مِنْ ثِقَلِ الْحَمْلِ وَ رَأَيْتُ فِي نَوْمِي كَأَنَّ آتِياً أَتَانِي وَ قَالَ لِي قَدْ حَمَلْتِ بِخَيْرِ الْأَنَامِ فَلَمَّا حَانَ وَقْتُ الْوِلَادَةِ خَفَّ ذَلِكَ عَلَيَّ حَتَّى وَضَعْتُهُ ص وَ هُوَ يَتَّقِي الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ‏ «2» وَ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ وَضَعْتِ خَيْرَ الْبَشَرِ فَعَوِّذِيهِ بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَ حَاسِدٍ فَوَلَدْتُ‏ «3» رَسُولَ اللَّهِ ص عَامَ الْفِيلِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَتْ آمِنَةُ لَمَّا سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ وَ حُجِبُوا عَنِ السَّمَاءِ وَ رَأَتْ قُرَيْشٌ الشُّهُبَ وَ النُّجُومَ تَسِيرُ فِي السَّمَاءِ فَفَزِعُوا لِذَلِكَ وَ قَالُوا هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ وَ اجْتَمَعُوا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً مُجَرَّباً فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا «4» فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ زَالَتْ فَهُوَ قِيَامُ السَّاعَةِ وَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ ثَابِتَةً فَهُوَ لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ وَ أَبْصَرَتِ الشَّيَاطِينُ ذَلِكَ فَاجْتَمَعُوا إِلَى إِبْلِيسَ فَأَخْبَرُوهُ بِأَنَّهُمْ قَدْ مُنِعُوا مِنَ السَّمَاءِ وَ رُمُوا بِالشُّهُبِ فَقَالَ اطْلُبُوا فَإِنَّ أَمْراً قَدْ حَدَثَ فَجَالُوا فِي الدُّنْيَا وَ رَجَعُوا فَقَالُوا لَمْ نَرَ شَيْئاً فَقَالَ أَنَا لِهَذَا فَخَرَقَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَانْتَهَى‏ «5» إِلَى الْحَرَمِ‏

______________________________
(1) فى المصدر: فلما تزوج بها.

(2) فى المصدر: بيده و ركبتيه.

(3) فى المصدر: فولد. و فيه: لاثنتى عشر ليلة مضت.

(4) فى المصدر: تهتدوا بها.

(5) فى المصدر: فلما انتهى.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 270

فَوَجَدَ الْحَرَمَ مَحْفُوفاً بِالْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ صَاحَ بِهِ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ اخْسَأْ يَا مَلْعُونُ فَجَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ فَصَارَ مِثْلَ الصِّرِّ قَالَ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا نَبِيٌّ قَدْ وُلِدَ وَ هُوَ خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ فَفِي أُمَّتِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ قَدْ رَضِيتُ قَالَ وَ كَانَ بِمَكَّةَ يَهُودِيٌّ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ فَلَمَّا رَأَى النُّجُومَ يُقْذَفُ بِهَا وَ تَتَحَرَّكُ قَالَ هَذَا نَبِيٌّ قَدْ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَ هُوَ الَّذِي نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا أَنَّهُ إِذَا وُلِدَ وَ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ رُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ وَ حُجِبُوا عَنِ السَّمَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى نَادِي‏ «1» قُرَيْشٍ وَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ وُلِدَ فيكه [فِيكُمُ اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ قَالُوا لَا قَالَ أَخْطَأَكُمْ‏ «2» وَ التَّوْرَاةِ وُلِدَ إِذاً بِفِلَسْطِينَ وَ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَفْضَلُهُمْ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ أَخْبَرَ كُلُّ رَجُلٍ أَهْلَهُ بِمَا قَالَ الْيَهُودِيُّ فَقَالُوا لَقَدْ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنٌ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ يُوسُفَ الْيَهُودِيَّ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكُمْ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالُوا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ فَاعْرِضُوهُ عَلَيَّ فَمَشَوْا إِلَى بَابِ آمِنَةَ «3» فَقَالُوا أَخْرِجِي ابْنَكِ يَنْظُرْ إِلَيْهِ هَذَا الْيَهُودِيُّ فَأَخْرَجَتْهُ فِي قِمَاطِهِ فَنَظَرَ فِي عَيْنَيْهِ وَ كَشَفَ عَنْ كَتِفَيْهِ فَرَأَى شَامَةً سَوْدَاءَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَتَعَجَّبَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ وَ ضَحِكُوا «4» فَقَالَ أَ تَضْحَكُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَذَا نَبِيُّ السَّيْفِ لَيُبِيرَنَّكُمْ‏ «5» وَ قَدْ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِمَا أَخْبَرَ الْيَهُودِيُّ وَ نَشَأَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْيَوْمَ كَمَا يَنْشَأُ «6» غَيْرُهُ فِي الْجُمْعَةِ وَ يَنْشَأُ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَنْشَأُ «7» غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ «8»

______________________________
(1) النادى: المجلس.

(2) أخطأتم خ ل و هو الموجود فى المصدر. و المعنى أى صرف عنكم هذا المولود العظيم إلى غيركم.

(3) فى المصدر: إلى باب بيت آمنة.

(4) فى المصدر المطبوع: و ضحكوا عليه، و فى المخطوط: و ضحكوا منه.

(5) أى ليهلكنكم، و فى المصدر: ليبترنكم أى ليصيرنكم أبترا، و الابتر: المقطوع. من لا عقب له.

(6) فى المصدر: ينشؤ، و كلاهما صحيح.

(7) فى المصدر: ينشؤ، و كلاهما صحيح.

(8) كمال الدين: 113 و 114، و أورد اليعقوبى مختصره فى تاريخه 2: 5.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 271

فس، تفسير القمي روي عن آمنة أم النبي ص أنها قالت‏ لما حملت برسول الله ص لم أشعر بالحمل و ساق الحديث إلى آخره بأدنى تغيير في اللفظ و الترتيب و لم يذكر فيه التاريخ‏ «1»

16 يج، الخرائج و الجرائح رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ‏ لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ إِبْلِيسُ الْأَبَالِسَةِ قَدْ أَنْكَرْتُ اللَّيْلَةَ الْأَرْضَ فَصَاحَ فِي الْأَبَالِسَةِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ اخْرُجُوا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ فَذَهَبُوا ثُمَّ رَجَعُوا وَ قَالُوا مَا وَجَدْنَا شَيْئاً قَالَ أَنَا لَهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِذَنَبِهِ عَلَى قَذَالِهِ ثُمَّ اغْتَمَسَ فِي الدُّنْيَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَدَهُ مُنْطَبِقاً بِالْمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ لِيَدْخُلَ فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ وَرَاءَكَ فَقَالَ حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ أَ لِيَ فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ فِي أُمَّتِهِ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ أَ وُلِدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ اللَّيْلَةَ قَالُوا لَا قَالَ فَوُلِدَ إِذاً بِفِلَسْطِينَ غُلَامٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَوْنِ الْخَزِّ الْأَدْكَنِ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَبَلَغَهُمْ أَنَّهُ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامٌ قَالُوا فَطَلَبْنَاهُ وَ قُلْنَا لَهُ إِنَّهُ وُلِدَ فِينَا غُلَامٌ قَالَ قَبْلَ أَنْ قُلْتُ لَكُمْ أَوْ بَعْدَهُ قَالُوا قَبْلُ قَالَ فَانْطَلِقُوا بِنَا نَنْظُرْ إِلَيْهِ فَانْطَلَقُوا فَقَالُوا لِأُمِّهِ أَخْرِجِي ابْنَكِ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ قَالَتْ إِنَّ ابْنِي وَ اللَّهِ لَقَدْ سَقَطَ فَمَا سَقَطَ كَمَا تَسْقُطُ الصِّبْيَانُ لَقَدِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ نُورٌ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى قُصُورِ بُصْرَى وَ سَمِعْتُ هَاتِفاً يَقُولُ قَدْ وَلَدْتِهِ سَيِّدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِذَا وَضَعْتِهِ فَقُولِي‏

أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ

 

مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ

وَ كُلِّ خَلْقٍ مَارِدٍ

 

يَأْخُذُ بِالْمَرَاصِدِ

فِي طُرُقِ الْمَوَارِدِ

 

مِنْ قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ

 

 

 

وَ سَمِّيهِ مُحَمَّداً فَأَخْرَجَتْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَ إِلَى الشَّامَةِ الَّتِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَأَخَذُوا الْغُلَامَ وَ رَدُّوهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَتْ لَهُ مَا لَكَ قَالَ ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَذَا وَ اللَّهِ الْغُلَامُ الَّذِي يُبِيرُهُمْ ثُمَّ قَالَ لِقُرَيْشٍ أَ فَرِحْتُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَكَانَ‏

______________________________
(1) تفسير القمى: 349 و 350.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 272

أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ إِنَّمَا يَسْطُو بِمُضَرَ وَ أُتِيَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ فَقَالَ‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَانِي‏

 

هَذَا الْغُلَامَ الطَّيِّبَ الْأَرْدَانِ‏

قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ‏ «1»

 

 

 

بيان قال الفيروزآبادي القذال كسحاب جماع مؤخر الرأس و مقعد العذار من الفرس خلف الناصية و قال الدكنة بالضم لون إلى السواد

17 قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ رَفَعَهُ‏ بِإِسْنَادِهِ قَالَتْ آمِنَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا قَرُبَتْ وِلَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص رَأَيْتُ جَنَاحَ طَائِرٍ أَبْيَضَ قَدْ مَسَحَ عَلَى فُؤَادِي فَذَهَبَ الرُّعْبُ عَنِّي وَ أُتِيتُ بِشَرْبَةٍ بَيْضَاءَ وَ كُنْتُ عَطْشَى فَشَرِبْتُهَا فَأَصَابَنِي نُورٌ عَالٍ ثُمَّ رَأَيْتُ نِسْوَةً كَالنَّخْلِ طِوَالًا تُحَدِّثُنِي وَ سَمِعْتُ كَلَاماً لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ حَتَّى رَأَيْتُ كَالدِّيبَاجِ الْأَبْيَضِ قَدْ مَلَأَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ قَائِلٌ يَقُولُ خُذُوهُ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ وَ رَأَيْتُ رِجَالًا وُقُوفاً فِي الْهَوَاءِ بِأَيْدِيهِمْ أَبَارِيقُ وَ رَأَيْتُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ رَأَيْتُ عَلَماً مِنْ سُنْدُسٍ عَلَى قَضِيبٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ قَدْ ضُرِبَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَافِعاً إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ رَأَيْتُ سَحَابَةً بَيْضَاءَ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى غَشِيَتْهُ فَسَمِعْتُ نِدَاءً طُوفُوا بِمُحَمَّدٍ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا وَ الْبِحَارَ لِتُعَرِّفُوهُ بِاسْمِهِ وَ نَعْتِهِ وَ صُورَتِهِ ثُمَّ انْجَلَتْ عَنْهُ الْغَمَامَةُ فَإِذَا أَنَا بِهِ فِي ثَوْبٍ أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ وَ تَحْتَهُ حَرِيرَةٌ خَضْرَاءُ وَ قَدْ قُبِضَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَفَاتِيحَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ وَ قَائِلٌ يَقُولُ قُبِضَ مُحَمَّدٌ عَلَى مَفَاتِيحِ النُّصْرَةِ وَ الرِّيحِ‏ «2» وَ النُّبُوَّةِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى فَغَيَّبَتْهُ عَنْ وَجْهِي أَطْوَلَ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَ سَمِعْتُ نِدَاءً طُوفُوا بِمُحَمَّدٍ الشَّرْقَ وَ الْغَرْبَ وَ اعْرِضُوهُ عَلَى رُوحَانِيِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ وَ السِّبَاعِ وَ أَعْطُوهُ صَفَاءَ آدَمَ وَ رِقَّةَ نُوحٍ وَ خُلَّةَ إِبْرَاهِيمَ وَ لِسَانَ إِسْمَاعِيلَ وَ كَمَالَ يُوسُفَ وَ بُشْرَى يَعْقُوبَ وَ صَوْتَ دَاوُدَ وَ زُهْدَ يَحْيَى وَ كَرَمَ عِيسَى ثُمَّ انْكَشَفَ عَنْهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ وَ بِيَدِهِ حَرِيرَةٌ بَيْضَاءُ قَدْ طُوِيَتْ طَيّاً شَدِيداً وَ قَدْ قُبِضَ عَلَيْهَا وَ قَائِلٌ يَقُولُ قَدْ قُبِضَ مُحَمَّدٌ عَلَى الدُّنْيَا كُلِّهَا فَلَمْ يَبْقَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا دَخَلَ فِي قَبْضَتِهِ ثُمَّ إِنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ‏

______________________________
(1) لم نجده فى الخرائج، و ذكرنا آنفا أن الظاهر اختلاف نسخة المطبوعة مع نسخة المصنف.

(2) الربح خ ل و كذا فى المصدر.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 273

تَطْلُعُ مِنْ وُجُوهِهِمْ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ وَ نَافِجَةُ «1» مِسْكٍ وَ فِي يَدِ الثَّانِي طَسْتٌ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ لَهَا أَرْبَعُ جَوَانِبَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لُؤْلُؤَةٌ بَيْضَاءُ وَ قَائِلٌ يَقُولُ هَذِهِ الدُّنْيَا فَاقْبِضْ عَلَيْهَا يَا حَبِيبَ اللَّهِ فَقَبَضَ عَلَى وَسَطِهَا وَ قَائِلٌ يَقُولُ قُبِضَ الْكَعْبَةُ وَ فِي يَدِ الثَّالِثِ حَرِيرَةٌ بَيْضَاءُ مَطْوِيَّةٌ فَنَشَرَهَا فَأَخْرَجَ مِنْهَا خَاتَماً تَحَارُ «2» أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ فِيهِ فَغَسَلَ بِذَلِكَ الْمَاءِ مِنَ الْإِبْرِيقِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ ضَرَبَ الْخَاتَمَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَ تَفَلَ فِي فِيهِ فَاسْتَنْطَقَهُ فَنَطَقَ فَلَمْ أَفْهَمْ مَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ حِفْظِهِ وَ كِلَاءَتِهِ قَدْ حَشَوْتُ قَلْبَكَ إِيمَاناً وَ عِلْماً وَ يَقِيناً وَ عَقْلًا وَ شَجَاعَةً أَنْتَ خَيْرُ الْبَشَرِ طُوبَى لِمَنِ اتَّبَعَكَ وَ وَيْلٌ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ ثُمَّ أُدْخِلَ بَيْنَ أَجْنِحَتِهِمْ سَاعَةً وَ كَانَ الْفَاعِلُ بِهِ هَذَا رِضْوَانَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ جَعَلَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَ يَقُولُ أَبْشِرْ يَا عِزَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ «3» وَ رَأَيْتُ نُوراً يَسْطَعُ مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَاءَ وَ رَأَيْتُ قُصُورَ الشَّامَاتِ كَأَنَّهَا شُعْلَةُ نَارٍ نُوراً وَ رَأَيْتُ حَوْلِي مِنَ الْقَطَا «4» أَمْراً عَظِيماً قَدْ نُشِرَتْ أَجْنِحَتُهَا «5»

18 قب، المناقب لابن شهرآشوب الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ فُتِحَ لِآمِنَةَ بَيَاضُ فَارِسَ‏ «6» وَ قُصُورُ الشَّامِ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ إِلَى أَبِي طَالِبٍ ضَاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً فَأَعْلَمَتْهُ مَا قَالَتْهُ آمِنَةُ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ وَ تَتَعَجَّبِينَ مِنْ هَذَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَ تَلِدِينَ بِوَصِيِّهِ وَ وَزِيرِهِ‏ «7»

19 قب، المناقب لابن شهرآشوب قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ‏ لَمَّا انْتَصَفَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ إِذَا أَنَا بِبَيْتِ اللَّهِ قَدِ اشْتَمَلَ بِجَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ وَ خَرَّ سَاجِداً فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ اسْتَوَى الْبَيْتُ مُنَادِياً اللَّهُ أَكْبَرُ رَبُّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى‏

______________________________
(1) النافجة: وعا المسك.

(2) تحار: تحير، حورت العين: اشتد بياض بيضها و سواد سوادها فهى حوراء، و صاحبها أحور.

(3) فى المصدر: فأبشر بعز الدنيا و الاخرة.

(4) القطا جمع القطاة: طائر فى حجم الحمام.

(5) مناقب آل أبى طالب 1: 20 و 21.

(6) المراد: القصور البيض من إصطخر كما تقدم.

(7) مناقب آل أبى طالب 1: 23.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 274

الْآنَ قَدْ طَهَّرَنِي رَبِّي مِنْ أَنْجَاسِ الْمُشْرِكِينَ وَ أَرْجَاسِ الْكَافِرِينَ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْأَصْنَامُ وَ خَرَّتْ عَلَى وُجُوهِهَا وَ إِذَا أَنَا بِطَيْرِ الْأَرْضِ حَاشِرَةً إِلَيْهَا وَ إِذَا جِبَالُ مَكَّةَ مُشْرِفَةٌ عَلَيْهَا وَ إِذَا بِسَحَابَةٍ بَيْضَاءَ بِإِزَاءِ حُجْرَتِهَا فَأَتَيْتُهَا وَ قُلْتُ أَنَا نَائِمٌ أَوْ يَقْظَانُ قَالَتْ بَلْ يَقْظَانُ قُلْتُ فَأَيْنَ نُورُ جَبْهَتِكِ قَالَتْ قَدْ وَضَعْتُهُ وَ هَذِهِ الطَّيْرُ تُنَازِعُنِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْهَا فَتَحْمِلَهُ إِلَى أَعْشَاشِهَا «1» وَ هَذِهِ السَّحَابُ تُظِلُّنِي لِذَلِكَ‏ «2» قُلْتُ فَهَاتِيهِ أَنْظُرْ إِلَيْهِ قَالَتْ حِيلَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَسَلَلْتُ سَيْفِي وَ قُلْتُ لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكِ قَالَتْ شَأْنُكَ وَ إِيَّاهُ فَلَمَّا هَمَمْتُ أَنْ أَلِجَ الْبَيْتَ بَدَرَ «3» إِلَيَّ مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ رَجُلٌ وَ قَالَ لِي ارْجِعْ وَرَاكَ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنْ وُلْدِ آدَمَ إِلَى رُؤْيَتِهِ أَوْ أَنْ تَنْقَضِيَ زِيَارَةُ الْمَلَائِكَةِ فَارْتَعَدْتُ وَ خَرَجْتُ‏ «4»

20 قب، المناقب لابن شهرآشوب عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ‏ لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُلْقِيَتِ الْأَصْنَامُ فِي الْكَعْبَةِ عَلَى وُجُوهِهَا فَلَمَّا أَمْسَى سُمِعَ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً

وَ وَرَدَ أَنَّهُ أَضَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ جَمِيعُ الدُّنْيَا وَ ضَحِكَ كُلُّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ شَجَرٍ وَ سَبَّحَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ انْهَزَمَ الشَّيْطَانُ وَ هُوَ يَقُولُ خَيْرُ الْأُمَمِ وَ خَيْرُ الْخَلْقِ وَ أَكْرَمُ الْعَبِيدِ وَ أَعْظَمُ الْعَالَمِ مُحَمَّدٌ ص‏ «5»

21 قب، المناقب لابن شهرآشوب مِنْ إِبَانَةِ ابْنِ بَطَّةَ «6» قَالَ‏ وُلِدَ النَّبِيُّ ص مَخْتُوناً مَسْرُوراً فَحُكِيَ ذَلِكَ عِنْدَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ‏ «7»

22 قب، المناقب لابن شهرآشوب‏ قَالَ الْمَأْمُونُ لِلْحَكِيمِ إِيزَدْخَواهَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَمَّا صَحَّحَ عِنْدَهُ أَحْكَاماً لِمَ‏

______________________________
(1) الاعشاش جمع العش بالفتح و الضم: موضع الطأثر.

(2) فى المصدر: و هذه السحاب تسألنى كذلك.

(3) أى أسرع إلى.

(4) مناقب آل أبى طالب: 21.

(5) مناقب آل أبى طالب 1: 22 و 23.

(6) أى من كتاب إبانة لابن بطة.

(7) مناقب آل أبى طالب 1: 23.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 275

لَا تُؤْمِنُ بِنَبِيِّنَا وَ أَنْتَ بِهَذَا الْمَحَلِّ مِنَ الْعِلْمِ وَ الْكِيَاسَةِ فَقَالَ كَيْفَ أُومِنُ وَ أُصَدِّقُ كَاذِباً وَ أَنَا أَعْلَمُ كَذِبَهُ وَ النَّبِيُّ لَا يَكْذِبُ فَقَالَ الْمَأْمُونُ كَيْفَ قَالَ قَوْلُهُ أَنَا آخِرُ نَبِيٍّ وَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَا يَكُونُ بَعْدِي نَبِيٌّ أَبَداً وَ هُوَ الَّذِي‏ «1» قَالَ فِي عِلْمِي كَذِبٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ وُلِدَ بِالطَّالِعِ الَّذِي لَوْ وُلِدَ فِيهِ مَوْلُودٌ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نَبِيّاً «2» فَظَهَرَ لِي بِهَذَا كَذِبُهُ إِذْ قَالَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي فَكَيْفَ أُومِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ فَخَجِلَ الْمَأْمُونُ مِنْ ذَلِكَ وَ تَحَيَّرَ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ مُتَكَلِّمٌ مِنْ هَاهُنَا قُلْنَا إِنَّهُ صَادِقٌ وَ إِنَّهُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّ الْحُكَمَاءَ كُلَّهُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ نَجْمَهُ ص كَانَ الْمُشْتَرِيَ وَ عُطَارِدَ وَ الزُّهَرَةَ وَ الْمِرِّيخَ وَ لَا يُولَدُ بِهَا وَلَدٌ إِلَّا وَ يَمُوتُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ إِنْ عَاشَ فَيَمُوتُ لَا مَحَالَةَ وَ لَا يُجَاوِزُ يَوْمَ السَّابِعِ وَ هُوَ قَدْ عَاشَ وَ بَقِيَ ثَلَاثاً وَ سِتِّينَ سَنَةً فَصَحَّ أَنَّهُ آيَةٌ وَ قَدْ أَتَى مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِمِثْلِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ فَأَقَرَّ إِيزَدْخَواهُ وَ أَسْلَمَ فَسُمِّيَ مَا شَاءَ اللَّهُ الْحَكِيمَ فَمِنْ نَظَرِ الْمُشْتَرِي لَهُ الْعِلْمُ وَ الْحِكْمَةُ وَ الْفِطْنَةُ وَ السِّيَاسَةُ وَ الرِّئَاسَةُ وَ مِنْ نَظَرِ عُطَارِدَ اللَّطَافَةُ وَ الظَّرَافَةُ وَ الْمَلَاحَةُ وَ الْفَصَاحَةُ وَ الْحَلَاوَةُ وَ مِنْ نَظَرِ الزُّهَرَةِ الصَّبَاحَةُ وَ الْهَشَاشَةُ «3» وَ الْبَشَاشَةُ وَ الْحُسْنُ وَ الطِّيبُ وَ الْجَمَالُ وَ الْبَهَاءُ وَ الْغُنْجُ وَ الدَّلَالُ وَ مِنْ نَظَرِ الْمِرِّيخِ السَّيْفُ وَ الْجَلَادَةُ وَ الْقِتَالُ وَ الْقَهْرُ وَ الْغَلَبَةُ وَ الْمُحَارَبَةُ فَجَمَعَ اللَّهُ فِيهِ جَمِيعَ الْمَدَائِحِ وَ قَالَ بَعْضُ الْمُنَجِّمِينَ مَوَالِدُ الْأَنْبِيَاءِ السُّنْبُلَةُ وَ الْمِيزَانُ وَ كَانَ طَالِعُ النَّبِيِّ ص الْمِيزَانَ وَ قَالَ ص وُلِدْتُ بِالسِّمَاكِ وَ فِي حِسَابِ الْمُنَجِّمِينَ أَنَّهُ السِّمَاكُ‏ «4» الرَّامِحُ‏ «5»

23 قب، المناقب لابن شهرآشوب حملت به أمه في أيام التشريق عند جمرة العقبة الوسطى في منزل‏

______________________________
(1) فى المصدر: و هذا الذى قال.

(2) أراد: و لم يظهر دليل على أنه لا يلد مولود بعد بهذا الطالع، فيمكن أن يولد فيكون نبيا، فكيف يقول بتأ: لا نبى بعده؟.

(3) الهشاشة: الارتياح و النشاط.

(4) السماك الرامح: نجم نير، و يقال له: الرامح لان أمامه كوكبا صغيرا يقال له: راية السماك و رمحه، بخلاف السماك الاغزل، فانه ليس أمامه شى‏ء.

(5) مناقب آل أبى طالب 1: 94 و 95.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 276

عبد الله بن عبد المطلب و ولد بمكة عند طلوع الفجر من يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول بعد خمس و خمسين يوما من هلاك أصحاب الفيل و قالت العامة يوم الإثنين الثاني‏ «1» أو العاشر منه لسبع بقين من ملك أنوشيروان و يقال في ملك هرمز لثمان سنين و ثمانية أشهر مضت من ملك عمرو بن هند ملك العرب و وافق شهر الروم العشرين من شباط في السنة الثانية من ملك هرمز بن أنوشيروان‏ «2» و الأول هو الصحيح لقوله ولدت في زمن الملك العادل أنوشيروان قال الكليني في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف في الزاوية القصوى عن يسارك و أنت داخل الدار و قال الطبري في بيت من الدار التي تعرف اليوم بدار يوسف‏ «3» و هو أخو الحجاج بن يوسف و كان قد اشتراها من عقيل و أدخل ذلك البيت في الدار حتى أخرجته خيزران و اتخذته مسجدا يصلى فيه‏ «4» الزهرة عن أبي عبد الله الطرابلسي البيت الذي ولد فيه رسول الله في دار محمد بن يوسف‏ «5»

24 نجم، كتاب النجوم حَدَّثَنَا «6» ابْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ مِنْ حَدِيثِ كِسْرَى كَمَا حَدَّثَنِي‏ «7» بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ‏ كَانَ سَكَرَ «8» دِجْلَةَ

______________________________
(1) فى المصدر: الثامن.

(2) فى المصدر هنا زيادة هى: و ذكر الطبرى أن مولده كان لاثنتين و أربعين سنة من ملك أنو شيروان، و هو الصحيح إه.

(3) هكذا فى النسخة و غيرها، و فى المصدر: محمد بن يوسف و هو الصحيح.

(4) فى المصدر: يصلى فيه الناس.

(5) مناقب آل أبى طالب 1: 118 و 119.

(6) اخرج ابن طاوس ذلك عن تاريخ الطبرى، فالقائل لقوله: حدثنا هو الطبرى.

(7) فى المصدر: ما حدثنى.

(8) فى المصدر: إن كسرى كان سكر دجلة العوراء اه و تقدم الكلام فى ضبط العوراء عن المصنف.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 277

الْغَوْرَاءَ وَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا يُدْرَى مَا هُوَ وَ كَانَ طَاقُ مَجْلِسِهِ قَدْ بَنَى بُنْيَاناً لَمْ يُرَ مِثْلُهُ وَ كَانَ يُعَلِّقُ بِهِ تَاجَهُ فَيَجْلِسُ فِيهِ إِذَا جَلَسَ لِلنَّاسِ وَ كَانَ عِنْدَهُ سِتُّونَ وَ ثَلَاثُ مِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ بَيْنِ كَاهِنٍ وَ سَاحِرٍ وَ مُنَجِّمٍ قَالَ وَ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُ السَّائِبُ يَعْتَافُ اعْتِيَافَ‏ «1» الْعَرَبِ قَلَّمَا يُخْطِئُ بَعَثَ إِلَيْهِ بَاذَانُ‏ «2» مِنَ الْيَمَنِ وَ كَانَ كِسْرَى إِذَا حَزَنَهُ أَمْرٌ جَمَعَ كُهَّانَهُ وَ سُحَّارَهُ وَ مُنَجِّمِيهِ وَ قَالَ انْظُرُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ مَا هُوَ فَلَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً ص أَصْبَحَ كِسْرَى ذَاتَ غَدَاةٍ وَ قَدِ انْقَضَّتْ طَاقُ مُلْكِهِ مِنْ وَسَطِهَا وَ انْخَرَقَتْ عَلَيْهِ دِجْلَةُ الْغَوْرَاءُ «3» فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ حَزَنَهُ وَ قَالَ انْقَضَّتْ طَاقُ مُلْكِي مِنْ وَسَطِهَا مِنْ غَيْرِ ثِقَلٍ وَ انْخَرَقَتْ دِجْلَةُ الْغَوْرَاءُ شاه بشكست‏ «4» يَقُولُ الْمَلِكُ انْكَسَرَ ثُمَّ دَعَا بِكُهَّانِهِ وَ سُحَّارِهِ وَ مُنَجِّمِهِ وَ دَعَا السَّائِبَ مَعَهُمْ وَ قَالَ انْقَضَّتْ طَاقُ مُلْكِي مِنْ غَيْرِ ثِقَلٍ وَ انْخَرَقَتْ دِجْلَةُ الْغَوْرَاءُ شاه بشكست انْظُرُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ مَا هُوَ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ فَنَظَرُوا فِي أَمْرِهِ فَأُخِذَ عَلَيْهِمْ بِأَقْطَارِ السَّمَاءِ وَ أَظْلَمَتْ‏ «5» عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ وَ تَسَكَّعُوا فِي عِلْمِهِمْ فَلَا يَمْضِي لِسَاحِرٍ سِحْرُهُ وَ لَا لِكَاهِنٍ كِهَانَتُهُ وَ لَا يَسْتَقِيمُ لِمُنَجِّمٍ عِلْمُ نُجُومِهِ وَ بَاتَ السَّائِبُ فِي لَيْلَةِ ظِلٍ‏ «6» عَلَى رَبْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ يَرْمُقُ بَرْقاً نَشَأَ مِنْ قِبَلِ الْحِجَازِ ثُمَّ اسْتَطَارَ حَتَّى بَلَغَ الْمَشْرِقَ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَهَبَ يَنْظُرُ إِلَى مَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَإِذَا رَوْضَةٌ خَضْرَاءُ فَقَالَ فِيمَا يَعْتَافُ لَئِنْ صَدَقَ‏ «7» لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الْحِجَازِ سُلْطَانٌ يَبْلُغُ الْمَشْرِقَ يُخْصِبُ‏ «8» عَنْهُ الْأَرْضُ كَأَفْضَلِ مَا أَخْصَبَتْ عَنْ مَلِكٍ كَانَ قَبْلَهُ فَلَمَّا خَلَصَ الْكُهَّانُ وَ الْمُنَجِّمُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ رَأَوْا مَا قَدْ أَصَابَهُمْ وَ رَأَى السَّائِبُ مَا قَدْ رَأَى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَعْلَمُونَ وَ اللَّهِ‏

______________________________
(1) الاعتياف: عمل العيافة أى زجر الطير، و التشأم أو التفأل بطيرانها.

(2) هو باذان بن ساسان، عده المسعودى من ملوك اليمن، راجع مروج الذهب 2: 87.

(3) فى المصدر و الطبرى: العوراء.

(4) فى المصدر: شاه بشكسته. قلت: أى و خرج من الدجلة صوتا فيه: شاه بشكسته.

(5) فى المصدر: و ضاقت.

(6) فى المصدر: ظل فيها. و فى تاريخ الطبرى: ظلماء.

(7) فى المصدر و الطبرى: لئن صدق ما أرى.

(8) فى المصدر و تاريخ الطبرى: تخصب.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 278

مَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عِلْمِكُمْ إِلَّا لِأَمْرٍ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ قَدْ بُعِثَ أَوْ هُوَ مَبْعُوثٌ يَسْلُبُ هَذَا الْمُلْكَ وَ يَكْسِرُهُ وَ لَئِنْ نَفَيْتُمْ لِكِسْرَى مُلْكَهُ لَيَقْتُلَنَّكُمْ فَأَقِيمُوا بَيْنَكُمْ أَمْراً تَقُولُونَهُ حَتَّى تُؤَخِّرُونَهُ عَنْكُمْ إِلَى أَمْرٍ مَا شَاعَ‏ «1» فَجَاءُوا إِلَى كِسْرَى فَقَالُوا لَهُ قَدْ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ فَوَجَدْنَا حِسَابَكَ الَّذِي وُضِعَتْ بِهِ طَاقُ مُلْكِكَ وَ سُكِرَتْ دِجْلَةُ الْغَوْرَاءُ وَضَعُوهُ عَلَى النُّحُوسِ فَلَمَّا اخْتَلَفَ عَلَيْهِمُ‏ «2» اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَقَعَتِ النُّحُوسُ عَلَى مَوَاقِعِهَا فَذَلِكَ كُلٌّ وُضِعَ عَلَيْهَا «3» وَ إِنَّا سَنَحْسُبُ‏ «4» لَكَ حِسَاباً تَضَعُ عَلَيْهِ بُنْيَانَكَ فَلَا تَزُولُ قَالَ فَاحْسُبُوا فَحَسَبُوا لَهُ ثُمَّ قَالُوا لَهُ ابْنِهِ فَبَنَى فَعَمِلَ فِي دِجْلَةَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَ أَنْفَقَ فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَا يُدْرَى مَا هُوَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ لَهُمْ أَجْلِسُ عَلَى سُورِهَا قَالُوا نَعَمْ فَأَمَرَ الْبُسُطَ «5» وَ الْفُرُشَ وَ الرَّيَاحِينَ فَوُضِعَتْ عَلَيْهَا وَ أَمَرَ بِالْمَرَازِبَةِ فَجَمَعُوا إِلَيْهِ النَّقَّابُونَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى جَلَسَ عَلَيْهَا فَبَيْنَا هُوَ هُنَالِكَ إِذِ انْتَسَفَتْ دِجْلَةُ بِالْبُنْيَانِ مِنْ تَحْتِهِ فَلَمْ يُخْرَجْ إِلَّا بِآخِرِ رَمَقٍ فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ جَمَعَ كُهَّانَهُ وَ سُحَّارَهُ وَ مُنَجِّمِيهِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيباً مِنْ مِائَةٍ وَ قَالَ نَمَّيْتُكُمْ‏ «6» وَ أَدْنَيْتُكُمْ دُونَ النَّاسِ فَأَجْرَيْتُ عَلَيْكُمْ أَرْزَاقِي تَلْعَبُونَ بِي قَالُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَخْطَأْنَا كَمَا أَخْطَأَ مَنْ قَبْلَنَا وَ لَكِنَّا سَنَحْسُبُ حِسَاباً فَنُبَيِّنُهُ حَتَّى تَضَعَهَا عَلَى الْوَثَاقِ مِنَ السُّعُودِ قَالَ انْظُرُوا مَا تَقُولُونَ قَالُوا فَإِنَّا نَفْعَلُ قَالَ فَاحْسُبُوا فَحَسَبُوا ثُمَّ قَالُوا لَهُ ابْنِهِ فَبَنَى وَ أَنْفَقَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَا يُدْرَى مَا هُوَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ «7» فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ أَ فَأَخْرُجُ وَ أَقْعُدُ «8» عَلَيْهَا قَالُوا نَعَمْ فَهَابَ الْجُلُوسَ عَلَيْهَا وَ رَكِبَ بِرْذَوْناً لَهُ وَ خَرَجَ يَسِيرُ عَلَيْهَا

______________________________
(1) فى المصدر: فاقيموا بينكم أمرا تلقونه فيه حتى تؤخروا أمره إلى آخر ساعة.

(2) فى المصدر: عليه، و فى تاريخ الطبرى: عليهما. أى على الطاق و دجلة.

(3) فى المصدر: فدك كل ما وضع عليها. و فى تاريخ الطبرى: فزال كل ما وضع عليهما.

(4) سأحسب خ ل.

(5) فى المصدر و الطبرى: بالبسط.

(6) هكذا فى النسخة، و فى المصدر: سميكم. قلت: هو مصحف سمنتكم كما فى تاريخ الطبرى.

(7) فى المصدر: ثمانية أشهر كذى قبل. و فى تاريخ الطبرى: من ذى قبل. و بعده: ثم قالوا:

قد فرغنا، قال: أفأخرج.

(8) أقصد خ ل.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 279

فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذَا انْتَسَفَتْ دِجْلَةُ بِالْبُنْيَانِ فَلَمْ يُدْرَكْ إِلَّا بِآخِرِ رَمَقٍ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَآمُرَنَّ عَلَى آخِرِكُمْ وَ لَأَنْزِعَنَّ أَكْتَافَكُمْ وَ لَأَطْرَحَنَّكُمْ تَحْتَ أَيْدِي الْفِيَلَةِ أَوْ لَتَصْدُقُنِّي مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي تُلَفِّقُونَ عَلَيَّ قَالُوا لَا نَكْذِبَنَّكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَمَرْتَنَا حِينَ انْخَرَقَتْ عَلَيْكَ دِجْلَةُ وَ انْقَضَّتْ‏ «1» عَلَيْكَ طَاقُ مَجْلِسِكَ مِنْ غَيْرِ ثِقَلٍ أَنْ نَنْظُرَ فِي عِلْمِنَا «2» فَأَظْلَمَتْ عَلَيْنَا بِأَقْطَارِ السَّمَاءِ «3» فَتَرَدَّدَ عِلْمُنَا فِي أَيْدِينَا فَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَاحِرٍ سِحْرُهُ وَ لَا لِكَاهِنٍ كِهَانَتُهُ وَ لَا لِمُنَجِّمٍ عِلْمُ نُجُومِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَدَثَ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ مَبْعُوثٌ فَلِذَلِكَ حِيلَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عِلْمِنَا فَخَشِينَا إِنْ نَفَيْنَا «4» إِلَيْكَ مُلْكَكَ أَنْ تَقْتُلَنَا فَكَرِهْنَا مِنَ الْمَوْتِ مَا يَكْرَهُ النَّاسُ فَعَلَّلْنَاكَ عَنْ أَنْفُسِنَا بِمَا رَأَيْتَ قَالَ وَيْحَكُمْ فَهَلَّا يَكُونُ بَيَّنْتُمْ لِي هَذَا فَأَرَى فِيهِ رَأْيِي قَالُوا مَنَعَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا تَخَوَّفْنَا مِنْكَ فَتَرَكَهُمْ وَلَهاً عَنْ دِجْلَةَ حِينَ غَلَبَتِهِ‏ «5»

بيان التسكع التحير و التمادي في الباطل و المرازبة رؤساء الفرس و أمراؤهم و يقال نميته تنمية أي رفعته و لفق الحديث زخرفه ثم الظاهر أن قوله فلما أن بعث الله نبيه من سهو الرواة أو الكتاب و كان مكانه فلما ولد النبي ص كما عرفت في الأخبار السابقة على أنه يحتمل وقوع مثل هذا في الوقتين معا

25 عم، إعلام الورى‏ وُلِدَ ص يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَامَ الْفِيلِ وَ فِي رِوَايَةِ الْعَامَّةِ وُلِدَ ص يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ لِلَيْلَتَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَ مِنْ قَائِلٍ يَقُولُ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْهُ وَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مَضَتْ مِنْ مُلْكِ كِسْرَى أَنُوشِيرَوَانَ بْنِ قُبَادَ وَ هُوَ قَاتِلُ مَزْدَكَ وَ الزَّنَادِقَةِ وَ مُبِيرُهُمْ وَ هُوَ الَّذِي عَنَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى مَا يَزْعُمُونَ وُلِدْتُ فِي زَمَانِ الْمَلِكِ الصَّالِحِ‏ «6»

______________________________
(1) فى المصدر و تاريخ الطبرى: و انقصمت.

(2) فى المصدر و تاريخ الطبرى: أن ننظر فى علمنا لم ذلك، فنظرنا فأظلمت.

(3) فى تاريخ الطبرى: فأظلمت علينا الارض، و أخذ علينا بأقطار السماء فتردد علينا علمنا فى أيدينا. و فى المصدر: فتردى علمنا و سقط فى أيدينا.

(4) فى المصدر و تاريخ الطبرى: إن نعينا.

(5) فرج المهموم: 32- 35. و الرواية توجد فى الطبرى 1: 596- 598.

(6) فى المصدر: الملك العادل الصالح.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 280

وَ لِثَمَانِي سِنِينَ وَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُلْكِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الْعَرَبِ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ‏

وَ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ‏ لَمَّا وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ ص مِنْ مَارِيَةَ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ أَوْ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ وَ نَسَبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ اسْمُهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هَاشِمٍ وَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ وَ اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُوَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ وَ هُوَ قُرَيْشُ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ‏

رُوِيَ عَنْهُ ص أَنَّهُ قَالَ‏ إِذَا بَلَغَ نَسَبِي عَدْنَانَ فَأَمْسِكُوا

وَ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ص قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ص يَقُولُ‏ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَرَا بْنِ أَعْرَاقِ الثَّرَى‏

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَيْدٌ هَمَيْسَعٌ وَ ثَرَا نَبْتٌ وَ أَعْرَاقُ الثَّرَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ع قَالَتْ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ‏

وَ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏ عَدْنَانُ بْنُ أَدِّ بْنِ أُدَدَ بْنِ يَامِينَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ مَنْحَرِ بْنِ صَابُوغَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ‏

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى‏ عَدْنَانُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يقدد بْنِ يَقْدَمَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ نَبْتِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ع‏ «1» وَ قِيلَ الْأَصَحُ‏ «2» الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النُّسَّابِ وَ أَصْحَابِ التَّوَارِيخِ أَنَّ عَدْنَانَ هُوَ أَدُّ بْنُ أُدَدَ بْنِ الْيَسَعِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ نَبْتِ بْنِ حَمَلِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ع بْنِ تَارَخَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوعَ‏ «3» بْنِ أرغوا بْنِ فالع‏ «4» بْنِ عَابَرَ وَ هُوَ هُودُ ع بْنُ شَالَحَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ مَلَكِ بْنِ متوشلح بْنِ أَخْنُوخَ وَ يُقَالُ أَحْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِيسُ ع بْنُ يازد «5» بْنِ هلايل‏ «6» بْنِ قينان بْنِ أنوش بْنِ شَيْثِ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ ع‏ «7» وَ أُمُّهُ آمِنَةُ

______________________________
(1) ابن ابراهيم عليه السلام خ ل.

(2) هو الذى خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(3) ساروغ خ.

(4) فالغ خ.

(5) فى المصدر: يارد. و هو الصحيح كما تقدم.

(6) مهلايل خ ل.

(7) تقدم الكلام فى نسبه صلى اللّه عليه و آله و فى أجداده و ضبطهم هنا و فى كتاب النبوات و لم نكرر الكلام فيه اختصارا.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 281

بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُوَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ أَرْضَعَتْهُ حَتَّى شَبَّ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ السَّعْدِيَّةُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَ كَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْضَعَتْهُ أَيْضاً بِلَبَنِ ابْنِهَا مَسْرُوحٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْدِمَ حَلِيمَةُ وَ تُوُفِّيَتْ ثُوَيْبَةُ مُسْلِمَةً سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ مَاتَ ابْنُهَا قَبْلَهَا وَ كَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ ثُوَيْبَةُ قَبْلُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِابْنَةِ حَمْزَةَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَ كَانَ حَمْزَةُ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَ أَمَّا جَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ فَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَ أُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلْمَى بِنْتُ عُمْرَةَ «1» مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَ أُمُّ هَاشِمٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ مَرَّةَ بْنِ هِلَالٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَ أُمُّ قُصَيٍّ وَ زُهْرَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدٍ مِنْ أَزْدِ السَّرَاةِ «2» وَ صَدَعَ ص بِالرِّسَالَةِ «3» يَوْمَ السَّابِعِ وَ الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ قُبِضَ ص يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ «4» وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً «5»

26 نجم، كتاب النجوم ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ الْمُنَجِّمِينَ‏ إِنَّ مَوَالِيدَ الْأَنْبِيَاءِ السُّنْبُلَةَ وَ الْمِيزَانَ وَ كَانَ طَالِعُ النَّبِيِّ ص الْمِيزَانَ وَ قَالَ ص وُلِدْتُ بِالسِّمَاكِ وَ فِي حِسَابِ الْمُنَجِّمِينَ أَنَّهُ السِّمَاكُ الرَّامِحُ وَ كَانَ فِي ثَانِي طَالِعِهِ زُحَلُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ وَ لَا عَقَارٌ «6»

27 يل، الفضائل لابن شاذان قال الواقدي أول ما افتتح به عقيل بن أبي وقاص أن قال‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ الحمد لله الذي جعلنا من نسل إبراهيم و من شجرة إسماعيل و من غصن نزار و من ثمرة عبد مناف ثم أثنى على الله تعالى ثناء بليغا و قال فيه جميلا و أثنى‏

______________________________
(1) الصحيح: عمرو، كما تقدم فى أوائل الكتاب.

(2) ذكر اليعقوبى فى تاريخه 2: 97- 101 امهاته صلى اللّه عليه و آله إلى ابراهيم عليه السلام، و ذكر العواتك و الفواطم اللاتى ولدنه.

(3) صدع بالرسالة: تكلم بها جهارا بينها.

(4) هكذا فى النسخ و هو غريب، و الصحيح كما فى المصدر: احدى عشر.

(5) إعلام الورى: 4 و 5.

(6) فرج المهموم فى تاريخ علماء النجوم: 113 و 114.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 282

على اللات و العزى و ذكرهم بالجميل و عقد النكاح و نظر إلى وهب و قال يا أبا الوداح زوجت كريمتك آمنة من ابن سيدنا عبد المطلب على صداق أربعة آلاف درهم بيض هجرية جياد و خمس مائة مثقال ذهب أحمر قال نعم ثم قال يا عبد الله قبلت هذا الصداق يا أيها السيد الخاطب قال نعم ثم دعا لهما بالخير و الكرامة ثم أمر وهب أن تقدم المائدة فقدمت مائدة خضرة فأتي من الطعام الحار و البارد و الحلو و الحامض فأكلوا و شربوا قال و نثر عبد المطلب على ولده قيمة ألف درهم من النثار و كان متخذا من مسك بنادق و من عنبر و من سكر و من كافور و نثر وهب بقيمة ألف درهم عنبرا و فرح الخلق بذلك فرحا شديدا.

قال الواقدي فلما فرغوا من ذلك نظر عبد المطلب إلى وهب و قال و رب السماء إني لا أفارق هذا السقف أو أؤلف بين ولدي و حليلته فقال وهب بهذه السرعة لا يكون فقال عبد المطلب لا بد من ذلك فقام وهب و دخل على امرأته برة و قال لها اعلمي أن عبد المطلب قد حلف برب السماء أنه لا يفارق هذا السقف أو يؤلف بين ولده عبد الله و بين زوجته آمنة فقامت المرأة من وقتها و دعت بعشر من المشاطات و أمرتهن أن يأخذن في زينة آمنة فقعدن حول آمنة فواحدة منهن تنقش يديها و واحدة تخضب و واحدة تسرح ذؤابتها «1» فلما كان عند غروب الشمس و قد فرغن من زينتها نصبوا سريرا من الخيزران و قد فرشوا عليه من ألوان الديباج و الوشي‏ «2» و قعدت الجارية على السرير و عقدن على رأسها تاجا و على جبينيها إكليلا و على عنقها مخانق الدر و الجواهر و تخوتمت بأنواع الخواتيم و جاء وهب و قال لعبد المطلب يا سيدي اقدم على العروس‏ «3» فقام عبد المطلب إلى العروس و هي كأنها فلقة قمر من حسنها و تقدم عبد المطلب إلى السرير و قبله و قبل عين العروس فقال عبد المطلب لولده عبد الله اجلس يا ولدي معها على السرير و افرح برؤيتها قال فرفع عبد الله قدمه و صعد إلى السرير و قعد إلى جنب العروس و فرح عبد المطلب و كان من عبد الله إلى أهله ما يكون من الرجال إلى النساء

______________________________
(1) فى المصدر زيادة هى: و واحدة تمسها بالماء.

(2) الوشى: الثياب المنقوشة.

(3) فى المصدر: إلى العروس.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 283

فواقعها فحملت بسيد المرسلين و خاتم النبيين و قام من عندها إلى عند أبيه فنظر إليه أبوه و إذا النور قد فارق من بين عينيه و بقي عليه من أثر النور كالدرهم الصحيح و ذهب النور إلى ثدي آمنة فقام عبد المطلب إلى عند آمنة و نظر إلى وجهها فلم يكن النور كما كان في عبد الله بل أنور فذهب عبد المطلب إلى عند حبيب الراهب فسأله عن ذلك فقال حبيب اعلم أن هذا النور هو صاحب النور بعينه و صار في بطن أمه فقام عبد المطلب و خرج مع الرجل و بقي عبد الله عند أهله إلى أن ذهبت الصفرة من يديه و ذلك أن العرب كانوا إذا دخلوا بأهلهم خضبوا أيديهم بالحناء و لا يخرجون من عندهم و على أيديهم أثر من الحناء و بقي عبد الله أربعين يوما و خرج و نظر أهل مكة إلى عبد الله و النور قد فارق موضعه فرجع عبد المطلب من عند حبيب و قد أتى على رسول الله ص شهر واحد في بطن أمه و نادت الجبال بعضها بعضا و الأشجار بعضها بعضا و السماوات بعضها بعضا يستبشرون و يقولون ألا إن محمدا قد وقع في رحم أمه آمنة و قد أتى عليه شهر ففرح‏ «1» بذلك الجبال و البحار و السماوات و الأرضون فورد «2» عليه كتاب من يثرب بموت فاطمة بنت عبد المطلب و كان في الكتاب أنها ورثت مالا كثيرا خطيرا فاخرج أسرع ما تقدر عليه فقال عبد المطلب لولده عبد الله يا ولدي لا بد لك أن تجي‏ء معي إلى المدينة فسافر مع أبيه و دخلا مدينة يثرب و قبض عبد المطلب المال و لما مضى من دخولهما المدينة عشرة أيام اعتل عبد الله علة شديدة و بقي خمسة عشر يوما فلما كان اليوم السادس عشر مات عبد الله فبكى عليه أبوه عبد المطلب بكاء شديدا و شق سقف البيت لأجله في دار فاطمة بنت عبد المطلب و إذا بهاتف يهتف و يقول قد مات من كان في صلبه خاتم النبيين و أي نفر لا يموت فقام عبد المطلب فغسله و كفنه و دفنه في سكة يقال لها شين و بنى على قبره قبة عظيمة من جص و آجر و رجع إلى مكة و استقبلته رؤساء قريش و بنو هاشم و اتصل الخبر إلى آمنة بوفاة زوجها فبكت و نتفت شعرها و خدشت وجهها و مزقت جيبها و دعت بالنائحات ينحن على‏

______________________________
(1) فى المصدر: فتفرح.

(2) فى المصدر: ثم إن اللّه تعالى أراد قضاه على فاطمة بنت عبد المطلب فورد إه.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 284

عبد الله فجاء بعد ذلك عبد المطلب إلى دار آمنة و طيب قلبها و وهب لها في ذلك الوقت ألف درهم بيض و تاجين قد اتخذهما عبد مناف لبعض بناته و قال لها يا آمنة لا تحزني فإنك عندي جليلة لأجل من في بطنك و رحمك فلا تهتك‏ «1» أمرك فسكتت‏ «2» و طيب قلبها.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص في بطن أمه شهران أمر الله تعالى مناديا في سماواته و أرضه أن ناد «3» في السماوات و الأرض و الملائكة أن استغفروا لمحمد ص و أمته كل هذا ببركة النبي ص.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص في بطن أمه ثلاثة أشهر كان أبو قحافة راجعا من الشام فلما بلغ قريبا من مكة وضعت ناقته جمجمتها على الأرض ساجدة و كان بيد أبي قحافة قضيب فضربها بأوجع ضرب فلم ترفع رأسها فقال أبو قحافة فما أرى ناقة تركت صاحبها و إذا بهاتف يهتف و يقول لا تضرب يا أبا قحافة من لا يطيعك أ لا ترى أن الجبال و البحار و الأشجار سوى الآدميين سجدوا لله فقال أبو قحافة يا هاتف و ما السبب في ذلك قال اعلم أن النبي الأمي قد أتى عليه في بطن أمه ثلاثة أشهر قال أبو قحافة و متى يكون خروجه قال سترى يا أبا قحافة إن شاء الله تعالى فالويل كل الويل لعبدة الأصنام من سيفه و سيف أصحابه فقال أبو قحافة فوقفت ساعة حتى رفعت الناقة رأسها و جئت إلى عبد المطلب فأخبرته.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص أربعة أشهر كان زاهد على الطريق من الطائف و كان له صومعة بمكة على مرحلة قال فخرج الزاهد و كان اسمه حبيبا فجاء إلى بعض أصدقائه بمكة فلما بلغ أرض الموقف إذا بصبي قد وضع جبينه على الأرض و قد سجد على جمجمته قال حبيب فدنوت منه فأخذته و إذا بهاتف يهتف و يقول خل عنه يا حبيب أ لا ترى إلى الخلائق من البر و البحر و السهل و الجبل قد

______________________________
(1) فلا يهمنك خ ل.

(2) فى المصدر: فسكنت.

(3) أن نادى خ ل و هو الموجود فى المصدر.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 285

سجدوا لله شكرا لما أتى على النبي الزكي الرضي المرضي في بطن أمه خمسة أشهر «1» و هذا الصبي قد سجد لله قال حبيب فتركت الصبي و دخلت مكة و بينت ذلك لعبد المطلب و عبد المطلب يقول اكتم هذا الاسم فإن لهذا الاسم أعداء قال و ذهب حبيب إلى صومعته فإذا الصومعة تهتز و لا تستقر و إذا على محرابه مكتوب و على محراب كل راهب يا أهل البيع و الصوامع آمنوا بالله و برسوله محمد بن عبد الله فقد آن خروجه فطوبى ثم طوبى لمن آمن به و الويل كل الويل لمن كفر به و رد عليه حرفا مما يأتي به من عند ربه قال حبيب فقلت السمع و الطاعة إني لمؤمن و طائع غير منكر.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص في بطن أمه ستة أشهر خرج أهل المدينة و اليمن إلى العيد و كان رسمهم أنهم يمرون في كل سنة ستة أعياد و كانوا يذهبون عند شجرة عظيمة يقال لها ذات أنواط و هي التي سماها الله تعالى في كتابه‏ وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى‏ فذهبوا في ذلك و أكلوا و شربوا و فرحوا و تقاربوا من الشجرة و إذا بصيحة عظيمة من وسط الشجرة و هو هاتف يقول‏ «2» يا أهل اليمن و يا أهل اليمامة و يا أهل البحرين و يا من عبد الأصنام و يا من سجد للأوثان‏ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً يا قوم قد جاءكم الهلاك قد جاءكم التلف قد جاءكم الويل و الثبور قال ففزعوا من ذلك و انهزموا راجعين إلى منازلهم متحيرين متعجبين من ذلك.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص في بطن أمه سبعة أشهر جاء سواد بن قارب إلى عبد المطلب و قال له اعلم يا أبا الحارث أني كنت البارحة بين النوم و اليقظة فرأيت أبواب السماء مفتحة و رأيت الملائكة ينزلون إلى الأرض معهم ألوان الثياب يقولون زينوا الأرض فقد قرب خروج من اسمه محمد و هو نافلة «3» عبد المطلب رسول الله‏

______________________________
(1) هكذا فى الكتاب و مصدره، و قال المصنف فى هامش الكتاب: الظاهر أنه سقطت قصة الاربعة أشهر أو الخمسة من بين الكلام، و كانت النسخة هكذا.

(2) فى المصدر: يقول: يا أيها الذين آمنوا اتقو اللّه و آمنوا برسوله الاية، و قال: يا أهل اليمن إه.

(3) النافلة: ولد الولد.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 286

إلى الأرض و إلى الأسود و الأحمر و الأصفر و إلى الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى صاحب السيف القاطع و السهم النافذ فقلت لبعض الملائكة من هذا تزعمون فقال ويلك‏ «1» هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف فهذا ما رأيت فقال له عبد المطلب اكتم الرؤيا و لا تخبر به أحدا لننظر ما يكون.

قال الواقدي فلما أتى على النبي ص في بطن أمه ثمانية أشهر كان في بحر الهواء حوتة يقال لها طينوسا «2» و هي سيدة الحيتان فتحركت الحيتان و تحركت الحوتة و استوت قائمة على ذنبها و ارتفعت و ارتفع الأمواج عنها فقالت الملائكة إلهنا و سيدنا ترى إلى ما تفعل طينوسا و لا تطيعنا و ليس لنا بها قوة قال فصاح إستحيائيل الملك صيحة عظيمة و قال لها قري يا طينوسا أ لا تعرفين من تحتك فقالت طينوسا يا إستحيائيل أمر ربي يوم خلقني إذا ولد محمد بن عبد الله استغفري له و لأمته و الآن سمعت الملائكة يبشر بعضهم بعضا فلذلك قمت و تحركت فناداها إستحيائيل قري و استغفري فإن محمدا قد ولد فلذلك انبطحت‏ «3» في البحر و أخذت في التسبيح و التهليل و التكبير و الثناء على رب العالمين.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص في بطن أمه تسعة أشهر أوحى الله إلى الملائكة في كل سماء أن اهبطوا إلى الأرض فهبط عشرة آلاف ملك بيد كل ملك قنديل يشتعل بالنور بلا دهن مكتوب على كل قنديل لا إله إلا الله محمد رسول الله يقرأه كل عربي كاتب و وقفوا حول مكة في المفاوز و إذا بهاتف يهتف و يقول هذا نور محمد رسول الله ص قال فورد الخبر على عبد المطلب فأمر بكتمانه إلى أن يكون.

قال الواقدي فلما كملت تسعة أشهر لرسول الله ص صار لا يستقر كوكب في السماء إلا من موضع إلى موضع يبشرون بعضهم بعضا «4» و الناس ينظرون إلى الكواكب‏

______________________________
(1) فى المصدر: ويحك.

(2) لعل هذه الحوتة أيضا من مختلقات الواقدى، كما تقدم أغرب منها عن كعب الاحبار.

(3) انبطح الرجل، انطرح على وجهه.

(4) لعل المراد أن سكان النجوم يبشر بعضهم بعضا.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 287

في السماء مسيرات لا يستقرون فأقام ذلك ثلاثين يوما قال الواقدي فلما تم لرسول الله ص تسعة أشهر نظرت أم رسول الله ص آمنة إلى أمها برة و قالت يا أماه إني أحب أن أدخل البيت فأبكي على زوجي ساعة و أقطر دمعي على شبابه و حسن وجهه فإذا دخلت البيت وحدي فلا يدخل علي أحد فقالت لها برة ادخلي يا آمنة فابكي فحق لك البكاء قال فدخلت آمنة البيت وحدها و قعدت و بكت و بين يديها شمع يشتعل و بيدها مغزل من آبنوس و على مغزلها فلقة «1» من عقيق أحمر و آمنة تبكي و تنوح إذا أصابها الطلق فوثبت إلى الباب لتفتحه فلم ينفتح فرجعت إلى مكانها و قالت وا وحدتاه و أخذها الطلق و النفاس و ما شعرت بشي‏ء حتى انشق السقف و نزلت من فوق أربع حوريات و أضاء البيت لنور وجوههن و قلن لآمنة لا بأس عليك يا جارية إنا جئناك لنخدمك فلا يهمنك‏ «2» أمرك و قعدت الحوريات واحدة على يمينها و واحدة على شمالها و واحدة بين يديها و واحدة من ورائها فهومت عين آمنة و غفت غفوة قال ابن عباس ما كان من أمر أم الصبي‏ «3» إلا أنها كانت نائمة عند خروج ولدها من بطنها فانتبهت أم النبي ص فإذا النبي تحت ذيلها قد وضع جبينه على الأرض ساجدا لله و رفع سبابتيه مشيرا بهما لا إله إلا الله.

قال الواقدي ولد رسول الله ص في ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر في شهر ربيع الأول لسبعة عشر «4» منه في سنة تسعة آلاف سنة و تسعمائة و أربعة أشهر و سبعة أيام من وفاة آدم ع.

قال الواقدي و نظرت أمه آمنة إلى وجه رسول الله ص فإذا هو مكتحل العينين منقط الجبين و الذقن و أشرق من وجنتي النبي ص نور ساطع في ظلمة الليل و مر

______________________________
(1) الفلقة: القطعة.

(2) فى نسخة من المصدر: فلا يهتمك.

(3) فى المصدر: أم النبى صلى اللّه عليه و آله.

(4) فى المصدر: ليلة سبعة عشر.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 288

في سقف البيت و شق السقف و رأت آمنة من نور وجهه كل منظر حسن و قصر بالحرم و سقط في تلك الليلة أربعة و عشرون‏ «1» شرفا من إيوان كسرى و أخمدت في تلك الليلة نيران فارس و أبرق في تلك الليلة برق ساطع في كل بيت و غرفة في الدنيا ممن قد علم الله تعالى و سبق في علمه أنهم يؤمنون بالله و رسوله محمد ص و لم يسطع في بقاع الكفر بأمر الله تعالى و ما بقي في مشارق الأرض و مغاربها صنم و لا وثن إلا و خرت على وجوهها ساقطة على جباهها خاشعة و ذلك كله إجلالا للنبي ص.

قال الواقدي فلما رأى إبليس لعنه الله تعالى و أخزاه ذلك وضع التراب على رأسه و جمع أولاده و قال لهم يا أولادي اعلموا أنني ما أصابني منذ خلقت مثل هذه المصيبة قالوا و ما هذه المصيبة قال اعلموا أنه قد ولد في هذه الليلة مولود اسمه محمد بن عبد الله ص يبطل عبادة الأوثان و يمنع السجود للأصنام و يدعو الناس إلى عبادة الرحمن قال فنثروا التراب على رءوسهم و دخل إبليس لعنه الله تعالى في البحر الرابع و قعد فيه للمصيبة هو و أولاده مكروبين أربعين يوما.

قال الواقدي فعند ذلك أخذت الحوريات محمدا ص و لففنه في منديل رومي و وضعنه بين يدي آمنة و رجعن إلى الجنة يبشرون الملائكة في السماوات بمولد النبي ص و نزل جبرئيل و ميكائيل ع و دخلا البيت على صورة الآدميين و هما شابان و مع جبرئيل طشت من ذهب و مع ميكائيل إبريق من عقيق أحمر فأخذ جبرئيل رسول الله ص و غسله و ميكائيل يصب الماء عليه فغسلاه و آمنة في زاوية البيت قاعدة فزعة مبهوتة فقال لها جبرئيل يا آمنة لا نغسله من النجاسة فإنه لم يكن نجسا و لكن نغسله من ظلمات بطنك فلما فرغوا من غسله و كحلوا عينيه و نقطوا جبينيه بورقة كانت معهم مسك و عنبر و كافور مسحوق بعضه ببعض فذروه فوق رأسه ص قالت آمنة و سمعت جلبة «2» و كلاما على الباب فذهب جبرئيل إلى الباب فنظر و رجع إلى البيت و قال ملائكة سبع سماوات يريدون السلام على النبي ص فاتسع البيت و دخلوا عليه‏

______________________________
(1) تقدم قبلا أنه سقط أربعة عشر شرفا.

(2) الجلبة: اختلاط الاصوات و الصياح.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 289

موكب بعد موكب و سلموا عليه و قالوا السلام عليك يا محمد السلام عليك يا محمود السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حامد.

قال الواقدي فلما دخل‏ «1» من الليل ثلثه أمر الله تعالى جبرئيل ع أن يحمل من الجنة أربعة أعلام فحمل جبرئيل الأعلام و نزل إلى الدنيا و نصب علما أخضر على جبل قاف مكتوبا «2» عليه بالبياض سطران لا إله إلا الله محمد رسول الله ص و نصب علما آخر على جبل أبي قبيس له ذؤابتان مكتوب على واحدة منهما شهادة أن لا إله إلا الله و في الثانية لا دين إلا دين محمد بن عبد الله و نصب علما آخر على سطح بيت الله الحرام له ذؤابتان مكتوب على واحدة منهما طوبى لمن آمن بالله و بمحمد و الويل لمن كفر به و رد عليه حرفا مما يأتي به من عند ربه و نصب علما آخر على ضراح‏ «3» بيت الله المقدس و هو أبيض عليه خطان مكتوبان بالسواد الأول لا غالب إلا الله و الثاني النصر لله و لمحمد ص.

قال الواقدي و ذهب إستحيائيل و وقف على ركن جبل أبي قبيس و نادى بأعلى صوته يا أهل مكة آمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا و أمر الله غمامة أن ترفع فوق بيت الله الحرام و تنثر على البيت الحرام ريش الزعفران و المسك و العنبر و تمطر على البيت فلما أصبحوا رأوا ريش الزعفران و المسك و العنبر و ارتفعت الغمامة و أمطرت على البيت و خرجت الأصنام من بيت الله الحرام و جاءوا إلى عند الحجر و انكبوا على وجوههم و جاء جبرئيل بقنديل أحمر له سلسلة من جزع أصفر و هو يشتعل بلا دهن بقدرة الله تعالى.

قال الواقدي و برق من وجه النبي ص برق و ذهب في الهواء حتى التزق بعنان السماء و ما بقي بمكة دار و لا منظر إلا دخله ذلك النور ممن سبق في قدر الله تعالى و علمه أنه يؤمن بالله و برسوله محمد ص و ما بقي في تلك الليلة كتاب من التوراة و الإنجيل و الزبور و مما كان فيه اسمه ص أو نعته إلا و قطر تحت اسمه قطرة دم و قال‏

______________________________
(1) مضى خ ل.

(2) فى المصدر: مكتوب و هو الصحيح.

(3) سطح خ ل، و فى المصدر: صريح. قلت: و لعله مصحف ضريح.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 290

لأن الله تعالى بعثه بالسيف و ما بقي في تلك الليلة دير و لا صومعة إلا و كتب على محاريبها اسم محمد ص فبقيت الكتابة إلى الصباح حتى قرأ الرهبانية و الديرانية «1» و علموا أن النبي الأمي ص قد ولد.

قال الواقدي فعندها قامت آمنة رضي الله عنها و فتحت الباب و صاحت صيحة و غشي عليها ثم دعت بأمها برة و أبيها وهب و قالت ويحكما أين أنتما فما رأيتما ما جرى علي إني وضعت ولدي و كان كذا و كذا تصف لهما ما رأته قال فقام وهب و دعا بغلام و قال اذهب إلى عبد المطلب و بشره و أهل مكة على المغاير «2» قد صعدوا و الصروح ينظرون إلى العجائب و لا يدرون ما الخبر و كذلك عبد المطلب قد صعد مع أولاده فما شعروا بشي‏ء حتى قرع الغلام الباب و دخل على عبد المطلب و قال يا سيدنا أبشر فإن آمنة قد وضعت ولدا ذكرا فاستبشر بذلك و قال قد علمت أن هذه براهين و دلائل لمولودي فذهب عبد المطلب إلى آمنة مع أولاده و نظروا إلى وجه رسول الله ص و وجهه كالقمر ليلة البدر يسبح و يكبر في نفسه فتعجب منه عبد المطلب.

قال الواقدي فأصبح أهل مكة يوم الثاني‏ «3» و نظروا إلى القنديل و إلى السلسلة و إلى ريش الزعفران و العنبر ينزل من الغمامة و إلى الأصنام و قد خرجن منكبات على وجوههن‏ «4» و بقي الخلق على ذلك و جاء إبليس أخزاه الله على صورة شيخ زاهد و قال يا أهل مكة لا يهمنكم‏ «5» أمر هذا فإنما أخرج الأصنام الليل العفاريت و المردة و سجدوا لهن فلا يهمنكم و أمر إبليس لعنه الله أن تدخل الأصنام إلى جوف بيت الله الحرام ففعلوا ذلك و إذا بهاتف يهتف و يقول‏ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.

قال الواقدي فأرسل الله تعالى إلى البيت جللا من الديباج الأبيض مكتوب عليها

______________________________
(1) فى العبارة تصحيف، لان الرهبانية طريقة الرهبان، و لعل الصحيح الرهابنة أو الرهبانة.

(2) المنابر خ ل، قلت: لم نعرف معنى المغاير، و فى المصدر: و أهل مكة على المنابر قد صعدوا العروج. و على أى فالعبارتين لا تخلوان عن اضطراب، و لعل العاطف قبل و الصروح زائد.

(3) فى المصدر: يوم الثانى صبيحة يوم الثلثاه.

(4) فى المصدر: و ينظرون الى الاصنام و قد خرجوا من مراكزهن منكبات على وجوههن.

(5) فى المصدر: لا يهتمنكم.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 291

بخط أسود بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً.

قال الواقدي فتعجب الناس من ذلك و بقيت الجلل على البيت أربعين يوما فذهب رجل من آل إدريس و كان بيده مد سمنا «1» فتمسح بذلك الجلل و التحف به فارتفع الجلل من ليلته و لو لم يلتحف به لبقي على بيت الله الحرام هذا الديباج إلى يوم القيامة.

قال الواقدي فاجتمع رؤساء بني هاشم و ذهبوا إلى حبيب الراهب و قالوا يا حبيب بين لنا خبر هذا الجلل و إخراج الأصنام من جوف بيت الله الحرام و الكواكب السائرات و البرق الذي برق في هذه الليلة و الجلبات التي سمعنا مما هي‏ «2» فقال حبيب أنتم تعلمون أن ديني ليس دينكم و أنا أقول الحق إن شئتم فاقبلوا و إن شئتم لا تقبلوا ما هذه العلامات إلا علامات نبي مرسل في زمانكم و نحن وجدنا في التوراة ذكر وصفه و في الإنجيل نعته و في الزبور اسمه و اسمه في الصحف و هو الذي يبطل عبادة الأوثان و الأصنام و يدعو إلى عبادة الرحمن و يكون على العلم قاطع السيف طاعن الرمح‏ «3» نافذ السهم تخضع له ملوك الدنيا و جبابرتها فالويل الويل لأهل الكفر و الطغيان و عبدة الأوثان من سيفه و رمحه و سهمه فمن آمن به نجا و من كفر به هلك فقام الخلق من عنده مغمومين مكروبين و رجعوا إلى مكة محزونين قال الواقدي و أصبح عبد المطلب اليوم الثاني و دعا بآمنة و قال لها هاتي ولدي و قرة عيني و ثمرة فؤادي فجاءت آمنة و محمد على ساعدها فقال عبد المطلب اكتميه يا آمنة و لا تبديه لأحد فإن قريشا و بني أمية يرصدون في أمره قالت آمنة السمع و الطاعة فجاء عبد المطلب و محمد على ساعده و أتى به إلى بيت الله الحرام و أراد أن يمسح بدنه باللات و العزى لتسكن دمدمة «4» قريش و بني هاشم‏ «5» و دخل عبد المطلب بيت الله الحرام فلما وضع‏

______________________________
(1) يده مدسما خ ل.

(2) فى المصدر: فما هى.

(3) فى المصدر: طاعن بالرمح.

(4) الدمدمة: الغضب.

(5) و بنو هاشم خ ل و هو الموجود فى المصدر، أى لتسكن بنو هاشم و لا يظهرون على قريش أمرا يوجب البغض و العداوة.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 292

رجله في البيت سمع النبي ص يقول بسم الله و بالله و إذا البيت يقول السلام عليك يا محمد و رحمة الله و بركاته و إذا بهاتف يهتف و يقول‏ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فتعجب عبد المطلب من صغر سنه و كلامه و مما قال له البيت فأمر عبد المطلب خزنة البيت أن يكتموا ما سمعوا من البيت و من محمد ص.

قال الواقدي فتقدم عبد المطلب إلى اللات و العزى و أراد أن يمسح بدن النبي ص باللات و العزى فجذب من ورائه فالتفت إلى ورائه فلم ير أحدا فتقدم ثانية فجذبه من ورائه جاذب فنظر إلى ورائه فلم ير أحدا ثم تقدم ثالثة فجذبه الجاذب جذبة شديدة حتى أقعده على عجزه و قال يا أبا الحارث أ تمسح بدنا طاهرا ببدن نجس.

قال الواقدي فعند ذلك وقف عبد المطلب على باب بيت الله الحرام و النبي على ساعده و أنشأ يقول.

الحمد لله الذي أعطاني.

 

هذا الغلام طيب الأرداني.

قد ساد في المهد على الغلماني.

 

أعيذه بالبيت ذي الأركاني.

حتى أراه مبلغ الغشياني. «1»

 

أعيذه من كل ذي شنآني. «2»

من حاسد ذي طرف العيناني.

 

 

 

قال و خرج عبد المطلب متفكرا مما سمع و رأى من محمد ص إلى أمه و قد وقعت الدمدمة في قريش و بين‏ «3» بني هاشم بسبب محمد ص.

قال الواقدي فلما كان اليوم الثالث اشترى عبد المطلب مهدا من خيزران أسود له شبكات من عاج مرصع بالذهب الأحمر و له بركتان من فضة بيضاء و لونه من جزع أصفر و غشاه بجلال ديباج أبيض مكوكب بذهب و بعث إليها من الدر و اللؤلؤ الكبار الذي تلعب به الصبيان في المهد بألوان الخرز «4» و كان النبي ص إذا انتبه من نومه‏

______________________________
(1) فى المصدر: مبلغ الغلمانى.

(2) الشنآن: البغض و العداوة. و فى المصدر بعد ذلك مصرع هو: حتى يكون بلغة الغشيانى.

(3) المصدر خال عن كلمة بين.

(4) الخرز: ما ينظم فى السلك من الجذع و الودع. الحب المثقوب من الزجاج و نحوه. فصوص من حجارة.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 293

يسبح الله تعالى بتلك الخرز.

قال الواقدي فلما كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب إلى عبد المطلب و كان عبد المطلب قاعدا على باب بيت الله الحرام و قد حف به قريش و بنو هاشم فدنا سواد بن قارب‏ «1» و قال يا أبا الحارث اعلم أني قد سمعت أنه قد ولد لعبد الله ذكر و أنهم يقولون فيه عجائب فأريد أن أنظر إلى وجهه هنيئة و كان سواد بن قارب رجلا إذا تكلم سمع منه و كان رجلا صدوقا فقام عبد المطلب و معه سواد بن قارب و جاء إلى دار آمنة رضي الله عنها و دخلا جميعا و النبي ص نائم فلما دخلا القبة قال عبد المطلب اسكت يا سواد حتى ينتبه من نومه فسكت فدخلا قليلا قليلا حتى دخلا القبة و نظر إلى وجه النبي ص و هو في مهده نائم و عليه هيئة الأنبياء فلما كشف الغطاء عن وجهه برق من وجهه برق شق السقف بنوره و التزق بأعنان‏ «2» السماء فألقى عبد المطلب و سواد أكمامهما على وجهيهما من شدة الضوء فعندها انكب سواد على النبي ص و قال لعبد المطلب أشهدك على نفسي أني آمنت بهذا الغلام و بما يأتي به من عند ربه ثم قبل وجنات‏ «3» النبي ص و خرجا جميعا و رجع سواد إلى موضعه و بقي عبد المطلب فرحا نشيطا.

قال محمد بن عمر الواقدي فلما أتى على النبي ص شهر كان إذا نظر إليه الناظرون توهموا أنه من أبناء سنة لوقارة جسمه و تمام فهمه و كانوا يسمعون من مهده التسبيح و التحميد و الثناء على الله تعالى.

قال الواقدي فلما أتى على رسول الله ص شهران مات وهب جده أبو أمه آمنة و جاء عبد المطلب و جماعة من قريش و بني هاشم و غسلوا وهبا و حنطوه و كفنوه و دفنوه على ذيل الصفا. «4»

______________________________
(1) هو سواد بن قارب الازدى الدوسى أو السدوسى، و كان كاهنا فى الجاهلية، له صحبة، و كان شاعرا، قاله ابن الاثير فى اسد الغابة- 2: 375.

(2) فى المصدر: فى عنان السماء. قلت: عنان السماء: ما ارتفع منها و ما بدالك منها إذا نظرتها، و أعنانها: نواصيها و ما اعترض من أقطارها.

(3) الوجنة: ما ارتفع من الخدين.

(4) الفضائل: 15- 31.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 294

بيان المخانق جمع المخنقة كمكنسة و هي القلادة و التهويم هز الرأس من النعاس و غفت نامت و الصرح القصر و كل بناء عال‏

28 كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ‏ «1» عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ‏ عَقَّ أَبُو طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص يَوْمَ السَّابِعِ وَ دَعَا آلَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا مَا هَذِهِ فَقَالَ هَذِهِ عَقِيقَةُ أَحْمَدَ قَالُوا لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ سَمَّيْتَهُ أَحْمَدَ قَالَ سَمَّيْتُهُ أَحْمَدَ لِمَحْمَدَةِ أَهْلِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ‏ «2»

29 كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ ص جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ الْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ وَ أَبُو وَجْزَةَ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ أَ وُلِدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ اللَّيْلَةَ فَقَالُوا لَا قَالَ فَوُلِدَ إِذاً بِفِلَسْطِينَ غُلَامٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَوْنِ الْخَزِّ الْأَدْكَنِ وَ يَكُونُ هَلَاكُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ الْيَهُودِ عَلَى يَدَيْهِ قَدْ أَخْطَأَكُمْ وَ اللَّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَتَفَرَّقُوا وَ سَأَلُوا فَأُخْبِرُوا أَنَّهُ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامٌ فَطَلَبُوا الرَّجُلَ فَلَقُوهُ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ وُلِدَ فِينَا وَ اللَّهِ غُلَامٌ قَالَ قَبْلَ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ أَوْ بَعْدَ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالُوا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لَنَا قَالَ فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا أُمَّهُ فَقَالُوا أَخْرِجِي ابْنَكِ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنِي وَ اللَّهِ لَقَدْ سَقَطَ وَ مَا سَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ الصِّبْيَانُ لَقَدِ اتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ نُورٌ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى قُصُورِ بُصْرَى وَ سَمِعْتُ هَاتِفاً فِي الْجَوِّ يَقُولُ لَقَدْ وَلَدْتِيهِ سَيِّدَ الْأُمَّةِ فَإِذَا وَضَعْتِيهِ فَقُولِي أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وَ سَمِّيهِ مُحَمَّداً قَالَ الرَّجُلُ فَأَخْرَجَتْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَلَّبَهُ وَ نَظَرَ إِلَى الشَّامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَأَخَذُوا الْغُلَامَ فَأَدْخَلُوهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ فَلَمَّا خَرَجُوا أَفَاقَ فَقَالُوا لَهُ مَا لَكَ وَيْلَكَ قَالَ ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَذَا وَ اللَّهِ مَنْ يُبِيرُهُمْ فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ‏

______________________________
(1) الحسن خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(2) الفروع: ج 2: ص 91.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 295

بِذَلِكَ فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ فَرِحُوا قَالَ فَرِحْتُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ يَسْطُو بِمِصْرِهِ‏ «1»

30 كا، الكافي حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ كَانَ حَيْثُ طُلِقَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَ أَخَذَهَا الْمَخَاضُ بِالنَّبِيِّ ص حَضَرَتْهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ امْرَأَةُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمْ تَزَلْ مَعَهَا حَتَّى وَضَعَتْ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى هَلْ تَرَيْنَ مَا أَرَى فَقَالَتْ وَ مَا تَرَيْنَ قَالَتْ هَذَا النُّورَ الَّذِي قَدْ سَطَعَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ تَعْجَبَانِ فَأَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ بِالنُّورِ الَّذِي قَدْ رَأَتْ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ أَ لَا أُبَشِّرُكِ فَقَالَتْ بَلَى فَقَالَ أَمَا إِنَّكِ سَتَلِدِينَ غُلَاماً يَكُونُ وَصِيَّ هَذَا الْمَوْلُودِ «2»

31 كا، الكافي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ‏ الْأَوْصِيَاءُ إِذَا حَمَلَتْ بِهِمْ أُمَّهَاتُهُمْ أَصَابَهَا فَتْرَةٌ شِبْهُ الْغَشْيَةِ فَأَقَامَتْ فِي ذَلِكَ يَوْمَهَا ذَلِكَ إِنْ كَانَ نَهَاراً أَوْ لَيْلَتَهَا إِنْ كَانَ لَيْلًا ثُمَّ تَرَى فِي مَنَامِهَا رَجُلًا يُبَشِّرُهَا بِغُلَامٍ عَلِيمٍ حَلِيمٍ فَتَفْرَحُ لِذَلِكَ ثُمَّ تَنْتَبِهُ مِنْ نَوْمِهَا فَتَسْمَعُ مِنْ جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ صَوْتاً يَقُولُ حَمَلْتِ بِخَيْرٍ وَ تَصِيرِينَ إِلَى خَيْرٍ وَ جِئْتِ بِخَيْرٍ أَبْشِرِي بِغُلَامٍ حَلِيمٍ عَلِيمٍ وَ تَجِدُ خِفَّةً فِي بَدَنِهَا ثُمَّ تَجِدُ «3» بَعْدَ ذَلِكَ اتِّسَاعاً مِنْ جَنْبَيْهَا وَ بَطْنِهَا فَإِذَا كَانَ لِتِسْعٍ مِنْ شُهُورِهَا سَمِعَتْ فِي الْبَيْتِ حِسّاً شَدِيداً فَإِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِدُ فِيهَا ظَهَرَ لَهَا فِي الْبَيْتِ نُورٌ تَرَاهُ لَا يَرَاهُ غَيْرُهَا

______________________________
(1) الروضة: 300 و 301، و فى بعض نسخه: يسطو بمضره. قال المصنف فى شرح الحديث: قوله: يسطو بمصره، الظاهر أنه قال ذلك على الهزء و الانكار، أى كيف يقدر على أن يسطو بمصره، أو كيف يسطو بقومه و عشيرته، و يحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الاذعان فى ذلك الوقت، أو كان يقول ذلك بعد خبر الراهب، و فيما رواه قطب الدين الراوندى فى الخرائج:

فكان أبو سفيان يقول: انما يسطو بمضره، أى بقبيلة مضر، أو بها و بأضرابها من القبائل الخارجة عن مكة.

(2) الروضة: 302.

(3) فى نسخة من المصدر: ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا من جنبيها و بطنها.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 296

إِلَّا أَبُوهُ فَإِذَا وَلَدَتْهُ وَلَدَتْهُ قَاعِداً وَ تَفَتَّحَتْ لَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مُتَرَبِّعاً ثُمَ‏ «1» يَسْتَدِيرُ بَعْدَ وُقُوعِهِ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يُخْطِئُ الْقِبْلَةَ حَيْثُ كَانَتْ بِوَجْهِهِ ثُمَّ يَعْطِسُ ثَلَاثاً يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ بِالتَّحْمِيدِ وَ يَقَعُ مَسْرُوراً «2» مَخْتُوناً وَ رَبَاعِيَتَاهُ مِنْ فَوْقٍ وَ أَسْفَلَ وَ نَابَاهُ وَ ضَاحِكَاهُ وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مِثْلُ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ نُورٌ وَ يُقِيمُ يَوْمَهُ وَ لَيْلَتَهُ تَسِيلُ يَدَاهُ ذَهَباً «3» وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ إِذَا وُلِدُوا وَ إِنَّمَا الْأَوْصِيَاءُ أَعْلَاقٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ «4»

أقول سيأتي شرح الخبر مع سائر الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة

32 ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام فِي خَبَرِ الشَّامِيِ‏ أَنَّهُ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَخْتُوناً قَالَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ ع مَخْتُوناً وَ وُلِدَ شَيْثٌ ع مَخْتُوناً وَ إِدْرِيسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَيْمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسْمَاعِيلُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ ص‏ «5»

33 د، العدد القوية رُوِيَ‏ أَنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ فِي جَدْبٍ شَدِيدٍ وَ ضِيقٍ مِنَ الزَّمَانِ فَلَمَّا حَمَلَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ بِرَسُولِ اللَّهِ ص اخْضَرَّتْ لَهُمُ الْأَرْضُ وَ حَمَلَتْ لَهُمُ الْأَشْجَارُ وَ أَتَاهُمُ الْوَفْدُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَأَخْصَبَ أَهْلُ مَكَّةَ خِصْباً عَظِيماً فَسُمِّيَتِ السَّنَةُ الَّتِي حَمَلَ فِيهَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص سَنَةَ الْفَتْحِ وَ الِاسْتِيفَاءِ وَ الِابْتِهَاجِ وَ لَمْ تَبْقَ كَاهِنَةٌ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبِهَا «6»

______________________________
(1) المصدر خال عن كلمة: ثم.

(2) أى مقطوع السرة، من سررت الصبى أسره سرا: إذا قطعت سرره، و السرر بكسر السين و فتحها لغة بالسر بالضم، و هو ما تقطعه القابلة من سرة الصبى.

(3) قال المصنف: و الرباعية كثمانية: السن التى بين الثنية و الناب و هو بين الرباعية و الضاحك، و تقدير الكلام: و معه رباعيتاه و نابه، و كان نبات خصوص تلك لمزيد مدخليتها فى الجمال، و عدم نبات الثنايا لمزيد إضرارها بثدى الام، و يحتمل أن يكون المراد نبات كل الاسنان، و التخصيص بالذكر على المثال، مثل سبيكة الذهب أى نور أصفر و أحمر شبيه بها، و سيلان الذهب عن يديه أيضا كناية عن اضاءتهما و لمعانهما و بريقهما و سطوع النور الاصفر منهما، و الاعلاق جمع العلق بالكسر و هو النفيس من كل شى‏ء، أى أشرف أولادهم، أو خلقوا من أشرف أجزائهم و طينتهم، أو هم أشرف شى‏ء اختاروه لامتهم.

(4) الاصول 1: 387 و 388.

(5) عيون الاخبار: 134.

(6) أى صاحبها من الجن.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 297

وَ انْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ وَ بَطَلَ سِحْرُ السَّحَرَةِ وَ لَمْ يَبْقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوساً وَ الْمَلِكُ مُخْرِساً لَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ أَبْشِرُوا فَقَدْ آنَ لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْأَرْضِ مَيْمُوناً مُبَارَكاً «1»

34 د، العدد القوية عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُ آبَائِي يُحَدِّثُونَ‏ كَانَتْ لِقُرَيْشٍ كَاهِنَةٌ يُقَالُ لَهَا جُرْهُمَانِيَّةُ وَ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ أَشَدِّ قُرَيْشٍ عِبَادَةً لِلْأَصْنَامِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ص جَاءَتْ إِلَيْهَا تَابِعَتُهَا «2» وَ قَالَتْ لَهَا جُرْهُمَانِيَّةُ حِيلَ بَيْنِي وَ بَيْنَكِ جَاءَ النُّورُ الْمَمْدُودُ الَّذِي مَنْ دَخَلَ فِي نُورِهِ نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ نُورِهِ هَلَكَ أَحْمَدُ صَاحِبُ اللِّوَاءِ الْأَكْبَرِ وَ الْعِزِّ الْأَبَدِيِّ وَ ابْنُهَا يَسْمَعُ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ عَادَ بِمِثْلِ قَوْلِهِ ثُمَّ مَرَّ «3» فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ عَادَ بِمِثْلِ قَوْلِهِ‏ «4» فَقَالَتْ وَيْحَكِ وَ مَنْ أَحْمَدُ قَالَتْ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَتِيمُ قُرَيْشٍ صَاحِبُ الْغُرَّةِ الْحَجْلَاءِ وَ النُّورِ السَّاطِعِ فَلَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهَذَا الْكَلَامِ نَظَرَتْ إِلَى صَنَمِهَا يَمْشِي مَرَّةً وَ يَعْدُو مَرَّةً وَ يَقُولُ وَيْلِي مَنْ هَذَا الْمَوْلُودُ هَلَكَتِ الْأَصْنَامُ قَالَ فَكَانَتِ الْجُرْهُمَانِيَّةُ تَنُوحُ عَلَى نَفْسِهَا بِهَذَا الْحَدِيثِ‏ «5»

35 د، العدد القوية قِيلَ‏ لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ أَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ أَيُّ شَيْ‏ءٍ خَبَّرَتْكِ بِهِ آمِنَةُ أَنَّهَا رَأَتْ حِينَ وَلَدَتْ هَذَا الْمَوْلُودَ قَالَتْ خَبَّرَتْنِي أَنَّهَا لَمَّا وَلَدَتْهُ خَرَجَ مُعْتَمِداً عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَصْعَدُ مِنْهُ نُورٌ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى مَلَأَ الْأُفُقَ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ اسْتُرِي هَذَا وَ لَا تُعْلِمِي بِهِ أَحَداً أَمَا إِنَّكِ سَتَلِدِينَ مَوْلُوداً يَكُونُ وَصِيَّهُ‏ «6»

36 كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الرِّزَامِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‏ حَجَجْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏

______________________________
(1) العدد: مخطوط.

(2) أى صاحبها من الجن.

(3) و استظهر المصنف فى هامش النسخة أن الصحيح: عادت بمثل قولها ثم مرت.

(4) و استظهر المصنف فى الهامش أن الصحيح: عادت بمثل قولها.

(5) العدد: مخطوط.

(6) العدد: مخطوط.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 298

ع فِي السَّنَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا ابْنُهُ مُوسَى ع وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ وَ ذَكَرَتْ حَمِيدَةُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ بَطْنِهَا حِينَ سَقَطَ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَخْبَرْتُهَا أَنَّ ذَلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَمَارَةُ الْوَصِيِّ ع مِنْ بَعْدِهِ‏ «1» فَقَالَ لِي إِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ‏ «2» فِيهَا بِجَدِّي أَتَى آتٍ جَدَّ أَبِي بِكَأْسٍ فِيهِ شَرْبَةٌ أَرَقُّ مِنَ الْمَاءِ وَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ فَسَقَاهُ إِيَّاهُ وَ أَمَرَهُ بِالْجِمَاعِ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بِجَدِّي وَ لَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ فِيهَا بِأَبِي أَتَى آتٍ جَدِّي فَسَقَاهُ كَمَا سَقَى جَدَّ أَبِي وَ أَمَرَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَمَرَهُ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بِأَبِي وَ لَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ فِيهَا بِي أَتَى آتٍ أَبِي فَسَقَاهُ بِمَا سَقَاهُمْ وَ أَمَرَهُ بِالَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بِي وَ لَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ فِيهَا بِابْنِي أَتَانِي آتٍ كَمَا أَتَاهُمْ فَفَعَلَ بِي كَمَا فَعَلَ بِهِمْ فَقُمْتُ بِعِلْمِ اللَّهِ وَ إِنِّي مَسْرُورٌ بِمَا يَهَبُ اللَّهُ لِي فَجَامَعْتُ فَعُلِقَ بِابْنِي هَذَا الْمَوْلُودِ فَدُونَكُمْ فَهُوَ وَ اللَّهِ صَاحِبُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَ إِنَّ نُطْفَةَ الْإِمَامِ مِمَّا أَخْبَرْتُكَ وَ إِذَا سَكَنَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ أُنْشِئَ فِيهَا الرُّوحُ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَكاً يُقَالُ لَهُ حَيَوَانُ فَكَتَبَ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَنِ‏ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ وَ إِذَا وَقَعَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَقَعَ وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَمَّا وَضْعُهُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُ كُلَّ عِلْمٍ لِلَّهِ أَنْزَلَهُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَمَّا رَفْعُهُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ مُنَادِياً يُنَادِي بِهِ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ مِنَ الْأُفُقِ الْأَعْلَى بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ يَقُولُ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اثْبُتْ تُثْبَتْ‏ «3» فَلِعَظِيمٍ مَا

______________________________
(1) فى المصدر هنا زيادة هى: فقلت: جعلت فداك و ما هذا من أمارة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أمارة الوصى من بعده؟ فقال لى اه.

(2) علقت المرأة و كل انثى بالولد: حبلت.

(3) اثبت، أمر من باب نصر، أى كن على علم و يقين و بصيرة، ثابتا على الحق فى جميع أقوالك و أفعالك، تثبت، جواب للامر، و هو اما على بناء الفاعل من التفعيل، أى لتثبت غيرك على الحق، أو على بناء المفعول منه، أى يثبتك اللّه عليها، أو على بناء المفعول من الافعال، أى لتثبت إمامتك بذلك عند الناس، و الاثبات أيضا: المعرفة، أى تكن معروفا بالامامة بين الناس. قاله المصنف فى مرآت العقول 1: 290.

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 299

خَلَقْتُكَ أَنْتَ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي وَ مَوْضِعُ سِرِّي وَ عَيْبَةُ «1» عِلْمِي وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي وَ خَلِيفَتِي فِي أَرْضِي لَكَ وَ لِمَنْ تَوَلَّاكَ أَوْجَبْتُ رَحْمَتِي وَ مَنَحْتُ جِنَانِي وَ أَحْلَلْتُ جِوَارِي ثُمَّ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأَصْلِيَنَ‏ «2» مَنْ عَادَاكَ أَشَدَّ عَذَابِي وَ إِنْ وَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي دُنْيَايَ مِنْ سَعَةِ رِزْقِي فَإِذَا انْقَضَى الصَّوْتُ صَوْتُ الْمُنَادِي أَجَابَهُ هُوَ وَاضِعاً يَدَيْهِ رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَقُولُ‏ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ قَالَ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَ الْعِلْمَ الْآخِرَ وَ اسْتَحَقَّ زِيَارَةَ الرُّوحِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «3»

37 أقول روى‏ «4» الشيخ أبو الحسن البكري في كتاب الأنوار عن أبي عمرو الشيباني و جماعة من أهل الحديث‏ أن السحرة و الكهنة و الشياطين و المردة و الجان قبل مولد «5» رسول الله ص كانوا يظهرون العجائب و يأتون بالغرائب و يحدثون الناس بما يخفون من السرائر و يكتمون في الضمائر و تنطق السحرة و الكهنة على ألسنة الجن و الشياطين و المردة بما يسترقون من السمع من الملائكة و لم تحجب السماء عن الشياطين حتى بعث النبي ص.

قال البكري و لقد بلغنا أنه كان بأرض اليمامة كاهنان عظيمان فاقا على أهل زمانهما في الكهانة و يتحدث الناس بهما في كل مكان و كان أحدهما اسمه ربيعة بن مازن‏ «6» و يعرف بسطيح و هو أعلم الكهان و الآخر اسمه وشق‏ «7» بن باهلة اليماني فأما سطيح فإن الله تعالى قد خلقه قطعة لحم بلا عظم و لا عصب سوى جمجمة رأسه و كان يطوى كما

______________________________
(1) العيبة: الزنبيل من ادم. ما تجعل فيه الثياب كالصندوق.

(2) صلى و أصلى فلانا النار: أدخله إياها و أثواه فيها.

(3) الاصول 1: 385 و 386.

(4) من هنا أول الجزء السادس من كتاب الانوار على نسختى.

(5) مبعث خ ل، و هو الموجود فى نسختى.

(6) ابن غسان خ ل و هو الموجود فى نسختى، و تقدم قبل ذلك نسبه.

(7) شق خ ل فى جميع المواضع، و هو الصحيح، و قد تقدمنا ذكر نسبه راجعه.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 300

يطوى الثوب و ينشر و يجعل على وضمة «1» كما يجعل اللحم على وضمة القصاب لا ينام من الليل إلا اليسير يقلب طرفه إلى السماء و ينظر إلى النجوم الزاهرات و الأفلاك الدائرات و البروق اللامعات و يحمل على وضمة إلى الأمصار و يرفع إلى الملوك في تلك الأعصار «2» يسألونه عن غوامض الأخبار و ينبئهم بما في قلوبهم من الأسرار و يخبر بما يحدث في الزمان من العجائب‏ «3» و هو ملقى على ظهره‏ «4» شاخص ببصره لا يتحرك منه غير عينيه و لسانه قد لبث دهرا طويلا على هذه الحالة فبينا هو كذلك ذات ليلة شاخصا إلى السماء إذ لاحت له برقة مما يلي مكة ملأت الأقطار «5» ثم رأى الكواكب قد علا منها النيران فظهر بها دخان و تصادم بعضها ببعض واحد بعد واحد «6» حتى غابت في الثرى فلم ير لها نور و لا ضياء «7» فلما نظر سطيح إلى ذلك دهش و حار و أيقن بالهلاك و الدمار و قال كواكب تظهر بالنهار و برق يلمع‏ «8» بالأنوار يدل على عجائب و أخبار و ظل يومه ذلك حتى انقضى النهار فلما أدركه الليل‏ «9» أمر غلمانه أن يحملونه إلى موضع فيه جبل هناك و كان شامخا في الجبال‏ «10» فأمرهم أن يرفعوه عليه فجعل يقلب طرفه يمينا و شمالا فإذا هو بنور ساطع و ضياء لامع قد علا على الأنوار و أحاط على الأقطار و ملأ الآفاق فقال لغلمانه أنزلوني فإن‏

______________________________
(1) الوضم: الخشبة الجزاز التى يقطع عليها اللحم.

(2) فى المصدر: فى جميع الاقطار.

(3) فى المصدر: و يخبر بما يأتى و بما يظهر من الافات و بما يكون، و هو ملقى على ظهره.

(4) على وضمه خ ل.

(5) فى المصدر: مما يلى مكة قد نزلت من عنان السماء، و لمعت بأنور الضياء، و ملات الاقطار، ثم رأى الكواكب قد علانورها بالازهار، و مدح بينها النيران، و تصادم بعضها ببعض فظهر منهما دخان، ثم طوت واحدة فى أثر واحدة حتى غابت فى الثرى.

(6) واحدة بعد واحدة خ ل.

(7) نورا و لا ضياء خ ل.

(8) فى المصدر: و برقة تلمع.

(9) فى المصدر: و بقى يومه ذلك متفكرا فيما عاينه حتى انقضى النهار: فلما أتى الليل.

(10) فى المصدر: شامخا عاليا على الجبال.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 301

عقلي قد طار و لبي قد حار من أجل هذه الأنوار و إني أرى أمرا جليلا و قد دنا مني الرحيل بلا شك عن قليل قالوا له و كيف ظهر لك ذلك يا سطيح قال يا ويلكم إني رأيت أنوارا قد نزلت من السماء إلى الأرض و أرى الكواكب قد تساقطت إلى الأرض و تهافتت‏ «1» و إني أظن أن خروج الهاشمي قد دنا فإن كان الأمر كذلك فالسلام على الوطن‏ «2» من أهل الأمصار و اليمن إلى آخر الزمن فحار غلمانه من كلامه و أنزلوه و قد أرق‏ «3» تلك الليلة أرقا و أصبح قلقا لم يتهنأ برقاد و لم يوطأ له مهاد كثير الفكر و السهاد «4» و جمع قومه و عشيرته و قال لهم إني أرى أمرا عظيما و خطبا جسيما و قد غاب عني خبره و خفي علي أثره و سأبعث إلى جميع إخواني من الكهان فكتب إلى سائر البلدان و كتب‏ «5» إلى وشق يخبره‏ «6» عن الحال و يشرح له المقال فرد عليه الجواب قد ظهر عندي بعض الذي ذكرت و سيظهر نور الذي وصفت غير أني لا علم لي فيه و لا أعرف شيئا من دواعيه فعند ذلك كتب إلى الزرقاء ملكة اليمن و كانت من أعظم الكهنة و السحرة «7» قد ملكت قومها بشرها و سحرها و كان المجاورون لها آمنين في معايشهم لا يخافون من عدو و لا يجزعون من أحد و كانت حادة البصر عظيمة الخطر تنظر من مسيرة ثلاثة أيام كما ينظر الإنسان الذي بين يديه و إذ أراد أحد من أعدائها الخروج إلى بلدها تخبر قومها و تقول احذروا فقد جاءكم عدوكم من جهة كذا و كذا فيجدون الأمر كما ذكرت.

قال أبو الحسن البكري و لقد بلغني أن أهل اليمامة قتلوا قتيلا من غسان و كان قد قتل منهم رجلا قبل ذلك فبلغ قومه قتله فأجمعوا أن يكبسوا «8» قومها في أربعة آلاف‏

______________________________
(1) أى تساقطت.

(2) على الوطن و على اليمن خ ل و مثله موجود فى المصدر، الا أن فيه: و اليمن.

(3) أرق: ذهب عنه النوم فى الليل.

(4) الرقاد: النوم. و السهاد: اليقظة و الارق.

(5) فى المصدر: فلما أصبح جمع قومه إه. و فيه: و إلى سائر البلدان، فكتب اه.

(6) يسأله خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(7) فى المصدر هنا زيادة هى: عظيمة الشر، بعيدة الخير.

(8) أى يهجموا عليهم فجأة.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 302

مدرع و قال لهم سيدهم من غسان يا ويحكم أ تطمعون في الدخول إلى اليمامة و فيها الزرقاء أ ما تعلمون أنها تنظر إلى الوافدين و تعاين الواردين من البعد فكيف إذا رأت ركائبكم‏ «1» قد أقبلت فتخبر قومها و يأخذون حذرهم‏ «2» و أنشأ يقول.

إني أخاف من الزرقاء و صولتها.

 

إذا رأت جمعكم يسري إلى البلد.

ترميكم بأسود لا قوام لكم.

 

بشرها ثم لا تبقي على أحد.

كم من جموع أتوها قاصدين لها.

 

فراح جمعهم بالخوف و النكد.

 

 

 

 

فقالوا ما الذي تشير به علينا قال رأيت رأيا و أنا أرجو أن يكون فيه الظفر إن ساعدني فيه القدر قالوا و ما ذلك قال إني أقول لكم انزلوا عن خيلكم ثم اعمدوا إلى الشجر فيقطع‏ «3» كل واحد منكم ما يستره ثم تحملونه في أيديكم ثم تقودون خيلكم و تسيرون في ظل الشجر فعسى أن يتغير عليها النظر قالوا نعم الرأي ما رأيت ففعلوا ما قال حتى بقي‏ «4» بينهم و بين اليمامة ثلاثة أيام جعلوا أمامهم رجلا معه كتف بعير يلوح‏ «5» به و نعل يخصفه لينكر عليها «6» النظر فلما نظرت إليهم الزرقاء و كانت في صومعتها صاحت بأعلى صوتها و قالت يا أهل اليمامة أقبلوا فأقبل إليها الناس و قالوا ما عندك من‏ «7» خبر قالت إني رأيت‏ «8» عجبا عجيبا و أظن أن الملبسة تسير إلينا في ظل الشجر و هم جمع كثير يتقدمهم رجل في يده كتف بعير و معه‏

______________________________
(1) الركائب جمع الركاب: الابل. و فى المصدر بعد أقبلت: و مراكبكم قد أشرفت.

(2) الحذر: ما فيه الحذر من السلاح و غيره.

(3) فى المصدر: اشير عليكم أن تنزلون عن خيلكم، ثم تعمدون الى الشجر، و تقطعون.

(4) فى المصدر: قالوا له: الرأى ما رأيت، ثم نزلوا عن خيلهم و فعلوا ما أمرهم سيدهم وجدوا السير، فلما بقى.

(5) أى يرفعه و يحركه ليلوح للناظر.

(6) فى المصدر: ليتغير عليها النظر.

(7) فى المصدر: يا أهل اليمامة أقبلوا إلى قبل أن تحل بكم الندامة، فأقبلوا اليها يهرعون من جانب و مكان ينسلون، فأخذوا بصومعتها، و قالوا: ماوراءك؟ و ما الذى دهاك؟ قالت: أنى أرى عجبا عجبا اه قلت لعل الصحيح: من كل جانب.

(8) أرى خ ل.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 303

نعل يخصفه تارة و تارة يلوح بكتف البعير فلما سمعوا كلامها أعرضوا عنها و قال بعضهم لبعض إن الزرقاء قد خرفت و تغير نظرها فهل رأيتم شجرا يسير و رجلا يلوح بكتف بعير إن هذا وسواس‏ «1» و جنون قد عارضها فلما سمعت منهم ذلك أغلقت صومعتها و كان لا يقدر عليها أحد قط فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا حتى كبسوا اليمامة و هدموا البنيان و سبوا النسوان و قتلوا الرجال و أخذوا الأموال ثم ولوا راجعين فوقع بقومها الندامة و أعقبتهم الملامة حيث لم يسمعوا منها و خالفوها ثم إن سطيحا كتب إليها كتابا يقول فيه باسمك اللهم من سطيح صاحب القول الفصيح‏ «2» إلى فتاة اليمامة المنعوتة بالشهامة «3» من سطيح الغساني الذي ليس له في عصره ثاني أما بعد فإني كتبت إليك كتابي و أنا في هموم و سكرات و غموم و خطرات و قد تعلمين ما الذي يحل بنا من الدمار «4» و الهلاك من خروج التهامي الهاشمي الأبطحي العربي المكي المدني السفاك للدماء و قد رأيت برقة لمعت و كواكبا سطعت‏ «5» و إني أظن أن ذلك من علاماته و لا شك أنه قرب أوانه و ما كتبت إليك إلا بما أرى عندك من التحصيل و ما في نساء عصرنا لك من مثيل فإذا ورد رسولي إليك و قدم كتابي عليك ردي جوابي بما عندك من الخطاب و ما ترينه من الصواب فإنه لا يقر لي قرار لا في الليل و لا في النهار و لم أقف‏ «6» على هذه الدلائل و الآثار و السلام.

ثم دعا بغلام له اسمه صبيح و قال له سر بهذا الكتاب إلى اليمامة «7» و أتني‏

______________________________
(1) الا وسواس خ ل فعليه فان نافية.

(2) فى المصدر زيادة هى: و القول النجيح.

(3) فى المصدر: بالكهانة.

(4) فى المصدر: من التدمير.

(5) سقطت خ ل و فى المصدر: قد تساقطت. و فيه: و لا شك أن أوانه قد أتى، و خروجه قددنا.

(6) حتى أقف خ ل و فى المصدر: قد وقعت على.

(7) فى المصدر زيادة هى: و أوصله الزرقاء.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 304

بالجواب فأخذ صبيح الكتاب و مضى به حتى صار بينه و بين اليمامة ثلاثة أيام فرمقته‏ «1» الزرقاء و الكتاب في طي عمامته فصاحت في قومها قد جاءكم راكب قاصد إلى بلدكم وارد قد أرسل زمام ناقته و الكتاب‏ «2» في طي عمامته فجعل القوم يرتقبونه إلى أن وصل بعد ثلاثة أيام فلما رأته انحدرت إليه و فتحت الباب‏ «3» فدفع إليها الكتاب فقرأته ثم قالت خبر قبيح أتانا به صبيح من كاهن اليمن سطيح يسأل عن نور ساطع و ضياء لامع ذلك و رب الكعبة من دلائل خراب‏ «4» الأطلال و يتم‏ «5» الأطفال فإنه يظهر من عبد مناف محمد النبي بلا خلاف قال صبيح فتعجبت من كلامها و طلبت الجواب فكتبت إلى سطيح يقول بسم الله من الزرقاء «6» الذي ليس عليها «7» شي‏ء يخفى إلى سيد غسان و أفضل الكهان المعروف بسطيح صاحب القول الفصيح أما بعد فإنه ورد كتابك علي و قدم رسولك لدي تذكر أمرا عظيما قد هجس بقلبك‏ «8» و اختلج بلبك أما نزول الكواكب فكأنك بآيات‏ «9» الهاشمي قد قربت فإذا قرأت كتابي فأيقظ نفسك و احذر من الغفلة و التقصير و بادر إلى التشمير و المسير لنلتقي بمكة فإني راحلة إليها لأعرف هذا الأمر على حقيقته فلعلنا نتساعد على هذا المولود فنعمل فيه الحيلة عسى أن نظفر بهلاكه و نخمد نوره قبل إشراقه فلما قرأ كتابها انتحب و بكى بكاء شديدا ثم قال.

______________________________
(1) فى المصدر: قال: ثم أخذ الكتاب و مضى يجد السير، حتى بقى بينه و بين قصر الزرقاء يومين، رمقته اه، قلت: يومين مصحف، يدل عليه بعده.

(2) يلوح خ ل.

(3) فى المصدر: فلما قدم صبيح الى اليمامة استدل على قصر الزرقاء، فارشده اليه، فلما رأته قريبا منها انحدرت و فتحت له الباب.

(4) مخرب خ ل.

(5) ميتم خ ل.

(6) بسم اله الزرقاء خ ل.

(7) عليه خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(8) هجس فى صدره: خطر بباله. و فى المصدر: هجم بقلبك.

(9) فانك ترى آيات خ ل و هو الموجود فى المصدر.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 305

 

لا صبر لا صبر أضحى بعد معرفة. «1»

 

تعذو الجلادة كالمستضعف الوهن.

إن كان حقا خروج الهاشمي دنا.

 

فارحل بنفسك لا تبكي على اليمن.

ثم اجعل القفر أوطانا تقيم بها.

 

و اغد عن الأهل ثم الدار و الوطن.

فالعيش في مهمه‏ «2» من غير ما جزع.

 

أهنأ من العيش في ذل و في حزن.

 

 

 

 

قال ثم أخذ في أهبة السفر و خرج من ساعته إلى مكة و قال لقومه إني سائر إلى نار قد تأججت فإن أدركت إخمادها رجعت إليكم و إن كانت الأخرى فالسلام مني عليكم فإني لاحق بالشام أقيم بها حتى أموت فلما وصل مكة أقبل‏ «3» إلى سطيح رجال من قريش و فيهم أبو جهل و أخوه أبو البختري و شيبة و عتبة بن أبي معيط و العاص بن وائل فقالوا يا سطيح ما قدمت إلا لأمر عظيم أ لك حاجة فتقضى فقال لهم بورك فيكم ما لي يديكم حاجة فقالوا له تمضي معنا إلى منازلنا فقال بل أنزل عند من إليهم قصدت و نحوهم أردت و بفنائهم أنخت و قد علمتم فضلي و قد جئتكم أحدثكم بما كان و ما يكون إلهاما ألهمني الله بالصواب و أنطقني بالجواب فأين المتقدمون في العهد و من لهم السابقة في الحمد و المجد لقد أردت أفضل قريش من بني عبد مناف فأنا لهم المبشر بالبشير النذير و القمر المستنير فقد قرب ما ذكرته فأين عبد المطلب و سلالته الأشبال فعظم ذلك على أبي جهل و تفرقوا «4» عنه يمينا و شمالا و اتصل الخبر إلى بني عبد مناف فجمع أبو طالب إخوته عبد الله و العباس و حمزة و عبد العزى و قال لهم إن هذا القادم عليكم هو كاهن اليمن‏

______________________________
(1) منزلة خ ل.

(2) المهمه: المفازة البعيدة. البلد المقفر.

(3) فى المصدر بعد قوله: أموت: قال: ثم وطأله غلامه راحلته، و سار حتى ادرك مكة، فأتى، به الى الكعبة، قال: فتسامعت به قريش فأتوا يهرعون إليه من كل جانب و مكان، فلما اجتمعوا حوله زعم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فيهم و قد ولد، و كانت امه آمنة قد حملت به، قال:

فاقبلت الى سطيح.

(4) فى المصدر: و نفروا عنه.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 306

و سيدها و قد كان قديما ورد على أبيكم و أخبره بمولود يخرج من ظهره مبارك في عمره يملك الأقطار و يدعو إلى عبادة الملك الجبار «1» فساروا إليه و قال لهم أنكروه أنسابكم و لا تعرفن‏ «2» أحسابكم ثم إن أبا طالب سار في إخوته حتى وردوا إليه و كان في ظل الكعبة جالسا و الناس حوله‏ «3» فلما نظر إليهم فرح بهم ثم دفع أبو طالب سيفه و رمحه إلى غلامه و قال‏ «4» هذه هدية مني إلى سطيح فإنه لواجب الحق علينا ثم انحرف إليه من قبل أن يخبره غلامه فلما وصل إليه قال حييت‏ «5» بالكرامة و خلدت في النعمة فإنا قد أتيناك زائرين و لواجب حقك غير منكرين‏ «6» فقال سطيح حييتم بالسلام و أتحفتم بالإنعام فمن أي العرب أنتم فأراد أبو طالب أن يعلم مقدار علمه قال نحن قوم من بني جمح فقال سطيح ادن مني أيها الشيخ و ضع يدك على وجهي فإن لي في ذلك حاجة فدنا منه و وضع يده على وجهه فقال سطيح و علام الأسرار المحتجب عن الأبصار الغافر للخطيئة و كاشف البلية إنك صاحب الذمم الرفيعة و الأخلاق المرضية و المسلم إلى غلامي الهدية قناة خطية و صفيحة «7» هندية و إنكم لأشرف البرية و إن لك و لأخيك أشرف الذرية و إنك و من أتى معك من سلالة هاشم الأخيار و إنك لا شك عم نبي المختار المنعوت في الكتب و الأخبار فلا تكتم نسبك فإني عارف بنسبكم فتعجب أبو طالب من كلامه و قال له يا شيخ لقد صدقت في المقال و أحسنت الخصال فنريد أن تخبرنا بما يكون في زماننا

______________________________
(1) فى المصدر بعد قوله: الجبار: فأراه قد قدم علينا، فانطلقوا بنا اليه لنأخذ الامر منه على حقيقته، فان يكن صادقا فقد استوجب الاحسان، و ان يكن كاذبا رميناه بالهوان، و لكن انكروه أنسابكم، و لا تعرفوه أحسابكم.

(2) و لا تعرفوه خ ل.

(3) من حوله خ ل.

(4) و قال له خ ل.

(5) فى المصدر: جئت.

(6) و الواجب علينا إكرامك خ ل.

(7) الصفيحة: السيف العريض.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 307

و ما يجري علينا فقال سطيح و الدائم الأبد و رافع السماء بلا عمد الواحد الأحد الفرد الصمد ليبعثن من هذا و أشار إلى عبد الله عن قريب الأمد نبي يهدي إلى الرشد يدمر كل صنم و يهلك كل من لها عبد لا يرفع سيفه عن أحد يدعو إلى عبادة الله الأحد يعينه على ذلك معين هو ابن عمه له قرين صاحب صولات عظام و ضربات بالحسام و أبوه لا شك هذا و أشار بيده إلى أبي طالب فقالوا له يا شيخ نحب أن تصف لنا هذا النبي و تبين لنا نعته فقال اسمعوا مني كاملا صحيحا سيظهر منكم عن قليل شخص نبيل و هو رسول الملك الجليل و إن لسان سطيح عنه‏ «1» لكليل و هو رجل لا بالقصير اللاصق و لا بالطويل الشاهق حسن القامة مدور الهامة بين كتفيه علامة على رأسه عمامة تقوم له الدعامة «2» إلى يوم القيامة ذلك و الله سيد تهامة يزهر وجهه في الدجى و إذا تبسم أشرقت الأرض بالضياء أحسن من مشى و أكرم من نشأ حلو الكلام طلق اللسان نقي زاهد خاشع عابد لا متجبر و لا متكبر إن نطق أصاب و إن سئل أجاب طاهر الميلاد بري‏ء من الفساد رحمة على العباد بالنور محفوف و بالمؤمنين رءوف و على أصحابه عطوف اسمه في التوراة و الإنجيل معروف يجير الملهوف و بالكرامة موصوف اسمه في السماء أحمد و في الأرض محمد ص.

فقال له أبو طالب يا سطيح هذا الشخص الذي ذكرت أنه يعينه و يقاربه في حسبه و نسبه انعته لنا كما نعت لنا هذا فقال إنه همام و ليث ضرغام و أسد قمقام و قائد مقدام كثير الانتقام يسقي كأس الحمام عظيم الجولة شديد الصولة كثير الذكر في الملإ يكون لمحمد ص وزيرا و يدعى بعد «3» موته أميرا اسمه في التوراة برئيا و في الإنجيل إليا «4» و عند قومه عليا ثم أمسك مليا كأنه قد سلب عقله و هو متفكر في أمره‏ «5» و الناس ينظرون إليه ثم التفت إلى أبي طالب و قال‏

______________________________
(1) عن نعته خ ل، و هو الموجود فى المصدر.

(2) تكون له الزعامة خ ل.

(3) قبل خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(4) اديا خ ل و فى المصدر: اسمه فى التوراة: بريا و فى الانجيل: أريا.

(5) فى فعله خ ل و هو الموجود فى المصدر.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 308

أيها السيد رد يدك على وجهي ثانية ففعل أبو طالب فلما حس‏ «1» سطيح بيد أبي طالب تنفس الصعداء و أن كمدا «2» و قال يا أبا طالب خذ بيد أخيك عبد الله‏ «3» فقد ظهر سعدكما فأبشرا بعلو مجدكما فالغصنان من شجرتكما محمد لأخيك و علي لك فبهت أبو طالب من كلامه و شاع في قريش ما قاله سطيح فعند ذلك قال أبو جهل لعنه الله معاشر الناس من قريش ليس هذه‏ «4» بأول حادثة نزلت بنا من بني هاشم فقد سمعتم من سطيح من ظهور هذا الرجل الذي يفسد أدياننا و من يشاركه من ولد أبي طالب فبينا هم كذلك إذ جاء أبو طالب و وقف وسط الناس و نادى بأعلى صوته يا معاشر قريش اصرفوا عن قلوبكم الطيش‏ «5» و لا تنكروا ما سمعتم فنحن بالقدمة أولى و على‏ «6» يدنا نبعت زمزم و الله ما سطيح بكاذب بل إنه‏ «7» في كلامه لصائب و ما نطق بكلمة إلا ظهر برهانها أ ليس هو القائل لكم بأنه يطلع عليكم‏ «8» سيف لا يترك منكم أحدا في بلد اليمن فلم يكن إلا كرقدة النائم‏ «9» و إذا قد ظهر ما قال و عن قليل سيظهر ما ذكر على رغم من يعاديه ثم إن أبا طالب أمر بسطيح أن يرفع إلى منزله فأكرمه و حباه و قربه و خلع عليه و كساه و باتت مكة تموج تلك الليلة فلما برق الصباح فأول‏

______________________________
(1) فى المصدر: أحس.

(2) أن: صوت لالم و تأوه. الكمد: الحزن و الغم الشديد.

(3) و أشار إلى عبد اللّه خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(4) فى المصدر: معاشر قريش ليس هذا.

(5) الطيش: النزق و الخفة. ذهاب العقل.

(6) فى المصدر: فنحن أولى بالقدمة من كعبة اللّه، و دفع الاذى عن حرم اللّه، و على أيدينا نبعت زمزم.

(7) و إنه خ ل.

(8) رجل اسمه خ ل و فى المصدر: أليس هو القائل لكم: بين الحرمين لتطأ أرضكم رايات الجيش، فما مضت أيام حتى رأيناها نزلت بنا و عايناها؟ قالوا: صدقت، قال: أ و ليس هو القائل لكم: بين الحرمين يطلع عليكم رجل اسمه سيف لا يترك منهم أحد فى بلد اليمن، فلن يكون الا كعطفة حتى رأيتم ذلك، و أورد قومنا الهلاك، و عن قليل سيظهر اه. قلت: قوله: فلن يكون و قوله: كعطفة لعله مصحف: فلم يكن و كغفوة النائم.

(9) الا كغفوة النائم حتى رأيتم ذلك خ ل.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 309

من خرج إلى الأبطح أبو جهل ثم بعث عبيده إلى سادات قريش فقدموا عليه فلما ارتفع النهار ضاق الأبطح من كل جانب فقام أبو جهل و نادى يا آل غالب يا آل طالب يا ذوي العلا «1» و المراتب أ ترضون لأنفسكم أن ترموا بالمناكب كما ذكر أبو طالب إن هذا من العجائب لنقل جلاميد الصفا إلى البحر الأقصى أيسر مما ذكر سطيح أنه سيظهر من بني عبد مناف نبي عن قليل يرمينا بالبوار و التنكيل‏ «2» تبا لكم إن كانت أنفسكم بما ذكره راضية و إلى ما أخبر به واعية «3» فإن رضيتم بذلك فمن الآن عليكم مني السلام و أنا راحل عنكم خارج عن أرضكم فمجاورة الترك‏ «4» أحب إلي من المقام عندكم ثم تركهم و مضى فضجت المحافل و بقي الأبطح يموج بأهله فمضوا إليه و قالوا له يا أبا الحكم أنت السيد فينا «5» و إن رأينا رأيك و أمرنا إليك فقال إني أرى من الرأي أن تحضروا منزل‏ «6» أبي طالب و تخاطبوه في قول هذا الكاهن لئلا يكون سبب العداوة بيننا و بينه فإما أن يسلم إلينا سطيحا أو يخرجه من أرضنا فإن أبى كان السيف أمضى و الموت أقضى و أنشد شعرا.

لضرب عنقي بسيفي يا قوم عمدا بكفي.

 

و قطع أحجار أرض إلى قرار بخسف.

أولى و أهون عندي من أن أرام بعسف‏

 

 

فلما بلغ أبا طالب مقالة أبي جهل جمع إخوته و أقاربه و قال تجللوا بالسلاح و استعدوا للكفاح‏ «7» و قال إني أرى دماء قد غلت و آجالا قد قربت ثم سار

______________________________
(1) هكذا فى الكتاب، و لعله مصحف العلاء أو العلى.

(2) فى المصدر زيادة هى: و يوعدنا بالذل الطويل.

(3) داعية خ ل.

(4) الشوك خ ل.

(5) فى المصدر: من المقام فى هذه الدار التى يحل لنا فيها الذلة و الصغار و القلة، ثم تركهم و مضى الى منزله، و عزم على الرحيل، قال: فقالوا: يا أبا الحكم ما هذا الذى قد حولت، و الحال الذى عزمت؟ فانت السيد فينا.

(6) مجلس خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(7) الكفاح: المواجهة للحرب.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 310

حتى قدم الأبطح فشخصت إليهم الأبصار و خرست الألسن و جلس كل قائم هيبة لأبي طالب‏ «1» ثم تحظى القبائل حتى توسط الناس ثم رفع صوته و قال يا سكان زمزم و الصفا و أبي قبيس و حرى من الثالب لبني عبد المطلب منكم و إني أذكركم بهذا اليوم العبوس‏ «2» الذي تقطع فيه الرءوس و يكون بأيدينا هذه النفوس و إني قائل لكم و حق إله الحرم و بارئ النسم إني لأعلم عن قليل ليظهرن المنعوت في التوراة و الإنجيل الموصوف بالكرم و التفضيل الذي ليس له في عصره‏ «3» مثيل و لقد تواترت الأخبار أنه يبعث في هذه الأعصار رسول الملك الجبار المتوج بالأنوار ثم قصد «4» الكعبة و أتى الناس وراءه إلا أبا جهل وحده و قد حلت به الذلة و الصغار و الذل و الانكسار فلما دنا أبو طالب من الكعبة قال اللهم رب هذه الكعبة اليمانية و الأرض المدحية و الجبال المرسية إن كان قد سبق في حكمك و غامض علمك أن تزيدنا شرفا فوق شرفنا و عزا فوق عزنا بالنبي المشفع الذي بشر به سطيح فأظهر اللهم يا رب تبيانه و عجل برهانه و اصرف عنا كيد المعاندين يا أرحم الراحمين.

ثم جلس أبو طالب و الناس حوله فوثب إليه منبه بن الحجاج و كان جسورا عليه فقام و تطاولت الناس تنظر ما يقول له فنادى برفيع صوته يا أبا طالب ظهرت عزتك و أنارت طلعتك و ابتهج شكرك‏ «5» بالكرم السني و الشرف العلي و قد علمت رؤساؤكم من القبائل و أهل النهى و الفضائل أنكم أهل الشرف الأصيل و أنت سيد مطاع قاهر

______________________________
(1) فى المصدر: فعندها خرس كل فصيح، و جلس كل قائم، و استوى كل نائم، هيبة لابى طالب.

(2) فى المصدر: و من منكم الثالب، لبنى عبد المطلب ذى المكرمات و المناقب؟ حتى أجلله الويل و الحزن، و أما أنا لا أعرف من امه و أبيه حين أنكره و أحجده، و أنا اذكركم بيوم عبوس.

(3) فى عصرنا خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(4) فى المصدر: ثم تركهم و هم خمود، كانهم من أوس و قرود، لم يجرء يرد عليه أحد منهم جوابا، و لا تشافهه خطابا، ثم قصد.

(5) ذكرك خ ل.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 311

و لكن ليس لمثلك أن يسمع ما قاله كاهن و أنت تعلم أنهم أوعية الشيطان يأتون بالكذب و البهتان فلعلك أن تصيره‏ «1» إلينا و لعله يظهر شيئا مما قاله فإن النبوة لها دلائل و آثار لا تخفى على العاقل فأمر أبو طالب أن يحضر سطيح فلما وضعوه على الأرض نادى سطيح يا معاشر قريش لقد أكثرتم الاختلاف و زادت قلوبكم بالارتجاف‏ «2» بذيتم بألسنتكم على آل عبد مناف تكذبونه فيما نطق و تلومونه إذا صدق‏ «3» و قد أرسلتم إلي تسألوني عن الحال الظاهر و عن أمر النبي الطاهر صاحب البرهان و قاصم الأوثان و مذل الكهان و ايم الله ما فرحنا بظهوره لأن الكهانة عند ولادته تزول و لكني أقول إذا كان ذلك فلا خير لسطيح في الحياة و عندها يتمنى الوفاة فإنه قد قرب‏ «4» فأتوني بأمهاتكم و نسائكم لترون العجب العجيب الذي ليس فيه تكذيب حتى أوقفكم هذه الساعة و أعرفكم أيتهن الحامل به فقالوا له أ تعلم الغيب قال لا و لكن لي صاحب من الجن يخبرني و يسترق السمع ثم إن القوم افترقوا إلى منازلهم و أتوا بنسائهم و لم تبق واحدة من النساء إلا جاءوا بها فأقبل أبو طالب و قال لأخيه أمسك زوجك و لا تحضرها و أمسك هو زوجته فاطمة رضي الله عنها و أقبلت النسوان جمع فنظر إليهن ثم قال اعزلوا النساء عن الرجال ثم أمر النساء أن يتقدمن إليه فجعل سطيح ينظر إليهن بعينه و لا يتكلم قالوا له خرس لسانك و خاب ظنك فقال و الله ما خاب ظني و رفع رأسه و طرفه إلى السماء و قال و حق الحرمين لقد تركتم من نسائكم اثنتين الواحدة منهن الحامل بالمولود الهادي إلى الرشاد محمد و الأخرى ستحمل عن قريب و تلد غلاما أمينا يدعى بأمير المؤمنين و سيد الوصيين و وارث علوم الأنبياء و المرسلين فلما سمع العرب منه ذلك دهشوا و خابوا و انطلق أبو طالب إلى منزله و عنده إخوته و أتى بزوجته فاطمة بنت أسد و آمنة زوجة أخيه عبد الله فلما وصلتا بجمع الناس‏ «5» من النساء صاح سطيح بأعلى صوته‏

______________________________
(1) فى المصدر تحضره. و فيه: و لعله يظهر شيئا نستدل به على صدقه.

(2) فى قلوبكم الارتجاف خ ل قلت: بذى عليه: تكلم بالفحش.

(3) فى المصدر: تكذبوه فيما صدق، و تلومونه فيما نطق.

(4) فى المصدر: مولده عن قريب يكون.

(5) الى مجمع النساء خ ل.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 312

و جعل يبكي و يقول يا ذوي الشرف هذه و الله الحاملة بالنبي المختار رسول الله ص فلما دنت آمنة منه قال لها أ لست حاملة قالت نعم فالتفت عند ذلك إلى قريش و قال الآن شهد قلبي و ثبت لبي و صدقني صاحباي‏ «1» هذه سيدة نساء العرب و العجم و هي الحامل بأفضل الأمم مبيد كل وثن و صنم يا ويح العرب منه قد دنا ظهوره و لاح نوره و كأني‏ «2» أرى من يخالفه قتيلا و في التراب جديلا «3» و طوبى لمن صدق منكم بنبوته و آمن برسالته ثم طوبى له قد أخذ الأرض و رجعت له بالأمن طولها و العرض‏ «4» ثم التفت إلى فاطمة و صاح صيحة و شهق شهقة و خر مغشيا عليه فلما أفاق من غشيته انتحب و بكى و قال بأعلى صوته هذه و الله فاطمة بنت أسد أم الإمام الذي يكسر الأصنام‏ «5» و هو الأمير الذي ليس في عقله طيش قاتل الشجعان و مبيد الأقران الفارس الكمي و الضيغم القوي المسمى‏ «6» بأمير المؤمنين علي ابن عم النبي عليهما أفضل الصلاة و السلام آه ثم آه كم ترى عيني من بطل مكبوب و فارس منهوب فلما سمع قريش كلام سطيح وثبوا عليه بالسيوف ليقتلوه فمنعهم بنو هاشم و جميع قريش‏ «7» و نادى أبو جهل لعنه الله افسحوا لي عن هذا الكاهن فلا بد لنا من قتله حتى نشتفي منه و إن حلتم دونه لأجعلن لكم الدمار و لأردنكم البوار «8» فالتفت أبو طالب إليه‏

______________________________
(1) صاحبى خ ل م و هو الموجود فى المصدر.

(2) فى المصدر: ياويح العرب، من شدة قددنا أو آن ظهور محمد الامين، يدعو الى دين رب العالمين، و كأنى اه.

(3) هكذا فى النسخة، و فى المصدر: جليلا و لعله أظهر، و هو من جلل الشى‏ء: غطاه. و زاد فى المصدر: إنى أرى أن عزكم يزول، شرفكم يحول، فطوبى اه.

(4) فى المصدر مكان قوله: ثم طوبى (إلى) و العرض: ثم طوبى له فلقد أخذ بالامر الوثيق، و نجا من كل ضيق.

(5) فى المصدر هنا زيادة هى: و يبيد الاوثان.

(6) الموجود فى المصدر هكذا: و هو الامين الذى لا فى عقله طيش، يخرب أطلالكم، و يتيم أطفالكم، سيفه فى رؤوسكم مغمود، و شره عنكم غير مردود، قاتل الشجعان، المسمى بعلى.

(7) فى المصدر: و اجتمع قريش.

(8) لنعجلن بكم الدمار، و لنوردن عليكم البوار خ ل قلت: و المصدر خال عنه و عما فى الصلب.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 313

و قال له ويحك يا أخس العرب و أذلها إني أراك تحب فراق العشيرة مثلك من يتكلم بهذا الكلام و أنت أخس اللئام‏ «1» ثم عاجله بضربة و حالوا بينه و بينه فلحقه بعض السيف فشجه شجة موضحة «2» و صار الدم يسيل على وجهه فنادى أبو جهل يا آل المحافل و رؤساء القبائل أ ترضون أن تحملوا العار و ترموا بالشنار اقتلوا سطيحا و آمنة و فاطمة بنت أسد و بني هاشم جميعا و أخمدوا نارهم و أطفئوا شرارهم فحمل قريش بأجمعهم على سطيح و لم يكن لبني هاشم طاقة فالتجأت النساء بالكعبة و ثار الغبار و طار الشرار و كثرت الزعقات‏ «3» و ارتجت الأرض بطولها و العرض.

و يروى عن آمنة أم النبي ص قالت حين رأيت السيوف قد دارت حولي ذهلت في أمري و القوم يريدون قتلي فبينا أنا كذلك إذ اضطرب الجنين في بطني و سمعت شيئا كالأنين و إذا بالقوم قد صيح بهم صيحة من السماء و صرخ بهم صارخ من الهواء فذهلت العقول و سقطت الرجال و النساء على الوجوه صرعى كأنهم موتى قالت آمنة فرفعت بصري نحو السماء فرأيت أبواب السماء قد فتحت و إذا أنا بفارس في يده حربة من نار و هو ينادي و يقول لا سبيل لكم إلى رسول الملك الجليل و أنا أخوه جبرئيل قالت فعند ذلك سكن قلبي و رجع إلي جناني و تحققت دلائل النبوة لولدي محمد ص ثم انصرفنا إلى منازلنا و أقبل أبو طالب آخذا بيد أخيه عبد الله و جلسا بفناء الكعبة يهنئان أنفسهما بما رزقا من الكرامة و النصر و القوم صرعى فلبثوا كذلك ثلاث ساعات من النهار ثم قاموا كأنهم سكارى ثم تقدم منبه بن الحجاج و وقف إلى جانب أبي طالب و قال إنك لم تزل عاليا في المراتب و لمن ناواك غالبا لكن نريد منك أن تصرف عنا سطيحا فإن كان ما تكلم به صحيحا فنحن أولى بأن نعاضده و أنشأ يقول.

أبا طالب إنا إليك عصابة.

 

لنرجوك فارحم من أتى لك راجيا.

و نحن فجيران لكم و معاضد.

 

على كل من أضحى و أمسى معاديا.

 

 

 

______________________________
(1) فى المصدر: أخس الانام.

 

(2) أى جرحه جراحة كشف عظم رأسه.

 

(3) الزعقة: الصيحة.

 

 

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 314

 

أبا طالب حييت بالرشد «1» و الحبا.

 

و وقيت ريب الدهر ما دمت باقيا.

فإن كان رب العرش يرسل منكم.

 

إلينا رسولا و هو للحق هاديا. «2»

فنحن لنرجو أحمدا في زماننا.

 

نجالد عنه بالسيوف الأعاديا. «3»

أبا طالب فاصرف سطيحا فإنه.

 

أتى منه آت بالأذى و الدواهيا.

و دع عنك حرب الأهل و الطف تكرما.

 

و لا تتركن الدم في الأرض جاريا.

 

 

 

 

فرق أبو طالب رحمة لقريش و قال حبا و كرامة سأصرفه عنكم إذا كرهتموه و لكن سوف تعلمون صحة ما ذكر لكم ثم أمر بسطيح أن يحضر فلما حضر قال أ تدري لما ذا أحضرتك فقال نعم لقد سألوني‏ «4» الخروج عن مكانهم‏ «5» و الانتزاح عن بلادهم و أنا عازم‏ «6» ثم قال إذا ظهر فيكم البشير النذير فأقرءوه مني السلام الكثير و قولوا له إن سطيحا أخبرنا بخروجك فكذبناه و من جوارك طردناه و ستأتيكم مبشرة عندها من العلم أكثر مما عندي و لا شك أنها قد دخلت بلادكم و حلت بساحتكم ثم إن سطيحا عزم على الخروج و رفعوه على بعيره و أحاط به بنو هاشم ليودعوه فبينما هم كذلك إذ أشرفت راحلة تركض براكبها و الغبار يطير من تحت أخفافها «7» فنظر إليها عمرو بن عامر و قال يا سادات مكة أتتكم الداهية الدهياء زرقاء اليمامة بنت مرهل‏ «8» كاهنة اليمامة فما استتم كلامه و إذا بها قد صارت في أوساطهم و نادت بأعلى صوتها

______________________________
(1) جللت بالرفد خ ل.

(2) داعيا خ ل.

(3) المواضيا خ ل.

(4) سألتمونى خ ل. و فى المصدر: تسألونى الخروج عن مكانكم.

(5) مكانكم خ ل.

(6) عن بلادكم، و أنا على ما اردتموه عازم خ ل و هو الموجود فى المصدر.

(7) فى المصدر بعده: فتطاول إليها الاعناق، و شخصت اليها الاحداق، فكان أول من أتاها أبو قحافة عمر بن عامر، فلما نظرها عرفها، و نادى يا أهل الابطح و سادات الحرم أتتكم إه قلت:

فيه وهم، لان ابا قحافة اسمه عثمان، و اسم أبيه عامر، و اسم جده عمرو فالصحيح: أبو قحافة بن عامر بن عمرو، أو كلمة أبو قحافة زائدة.

(8) مرقل خ ل.

بحار الأنوار، ج‏15، ص: 315

يا معاشر قريش حييتم بالإكثار و عمرت بكم الديار فإني فارقت أهلي و خرجت من أوطاني و جعلت قصدي إليكم لأخبركم عن أشياء قد دنت و قربت و سوف يظهر في دياركم عن قريب العجب العجيب فإن أذنتم لي بالنزول نزلت و إن أحببتم الرحيل رحلت ثم قالت شعرا.

إني لأعلم ما يأتي من العجب.

 

بأرضكم هذه يا معشر العرب.

لقد دنا وقت مبعوث لأمته.

 

محمد المصطفى المنعوت في الكتب.

فعن قليل سيأتي وقت بعثته.

 

يرمي معانده بالذل و الحرب.

يدعو إلى دين غير اللات مجتهدا.

 

و لا يقول بأصنام و لا نصب.

و قد أتيت لأخبركم ببينة.

 

مما رأيت من الأنوار و الشهب.

عما قليل ترى النيران مضرمة. «1»

 

ببطن مكة ترمي الجمع باللهب.

فإن أذنتم و إلا رحت راجعة.

 

و تندمون إذا ما جاء بالعطب.

و آخر بذباب‏ «2» السيف يعضده.

 

قرن يدانيه في الأحساب و النسب‏

 

 

 

فلما سمع قريش كلامها و شعرها أمروها بالنزول فنزلت و قالوا هل تنطق بما نطق به سطيح أم لا فقال لها عتبة «3» ما الذي راع سيدة اليمامة هل لك من حاجة فتقضى فقالت إني لست ذات فقر و لا إقلال و لا محتاجة إلى رفد و لا مال بل جئتكم ببشارة أبشركم و حذر أحذركم و ليست البشارة لي بل هي وبال علي‏ «4» فقال عتبة يا زرقاء و ما هذا الكلام أراك توعدين نفسك و إيانا بالبوار و الدمار فقالت يا أبا الوليد و من هو بالمرصاد ليخرجن من هذا الواد نبي يدعو إلى الرشاد و ينهى عن‏

__________________________________________________

 (1) ضارمة خ ل قلت: ضرم النار: اشتعلت. و أضرم النار: أوقدها و أشعلها و ألهبها.

 (2) ذباب السيف: طرفه الذى يضرب به.

 (3) فى المصدر: قال: فلما سمعوا قولها أمروها بالنزول و الجلوس عندهم، ليعلموا ما عندها، و يتحققون علمها، و هل تنطق بمثل ما نطق به سطيح أم لا، فقالوا: أيتها الزرقاء انزلى عندنا بالرحب و السعة، فنزلت عن البعير، و جلست فى أوساطهم، فقال لها عتبة بن ربيعة.

 (4) فى المصدر: و بال على و عليكم، و هلاكى و هلاك من كان مثلى.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 316

الفساد «1» نوره في وجهه يتردد و اسمه محمد عليه أفضل الصلاة و السلام كأني به عن قريب يولد يساعده على ذلك مساعد و يعاضده معاضد يقاربه في الحسب و يدانيه في النسب مبيد الأقران و مجدل الشجعان أسد ضرغام و سيف قصام جسور في الغمرات هزبر في الفلوات له ساعد قوي و قلب جري‏ء و اسمه أمير المؤمنين علي ثم قالت آه ثم آه من يوم سألقاه و أعظم «2» مصيبتاه ستكون لي قصة عجيبة و مصيبة و أي مصيبة فلو أردت النجاة سارعت إلى إجابته و تركت ما أنا عليه من مكايدته و لكن أرى خوض البحار و العرض على النار أيسر من الذل «3» و الصغار و لا أنا شارية «4» بعزّي ذلا و لا بعلمي جهلا ثم أنشأت تقول.

         ذوي القبائل و السادات ويحكم.             إني أقول مقالا كالجلاميد.

             لو كنت من هاشم أو عبد مطلب.             أو عبد شمس ذوي الفخر الصناديد.

             أو من لوي سراة الناس كلهم.             ذوي السماحة و الإفضال و الجود.

             أو من بني نوفل أو من بني أسد.             أو من بني زهرة الغر الأماجيد.

             لكنت أول من يحظى «5» بصاحبكم.             إذا جرى ماؤه في يابس العود.

             لكن أرى أجلي قد حان مدته.             لما دنا مولد يا خير مولود.

 

ثم قالت هيهات لا جزع مما هو آت «6» و خالق الشمس و القمر و من إليه مصير البشر لقد صدقكم سطيح الخبر فلما سمعوا ما قالت حاروا ثم نظرت إلى أبي طالب و أخيه عبد الله و كانت عارفة بعبد الله قبل ذلك لأنه كان مسافرا إلى نحو اليمن قبل أن‏

__________________________________________________

 (1) فى المصدر بعده: و يقتل الاعادى، سفاك الدماء، نوره يتجدد، و نور أعدائه يخمد، نوره فى وجهه يتردد.

 (2) يا أعظم خ ل، و فى المصدر: و من عظم.

 (3) فى المصدر: و لكن. أرى خوض البحار و نقل الاحجار و التلوح على النار أ يسير عن الذل.

 (4) مشترية خ ل.

 (5) أى أول من ينال منه حظا.

 (6) دهر يحول، و ميت و مقتول خ صح‏

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 317

يتزوج بآمنة بنت وهب و كان نور النبي ص في وجهه و أن الزرقاء نظرت إليه و قد نزل بقصر من قصور اليمامة و ذهب أبوه عبد المطلب في حاجة و تركه عند متاعه و سيفه عند رأسه فنزلت الزرقاء مسرعة و في يدها كيس من الورق فوثبت عليه «1» ثم قالت له يا فتى حياك الله بالسلام و جللك بالإنعام من أي العرب أنت فما رأيت أحسن منك وجها قال أنا عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد الأشراف و مطعم الأضياف سادات الحرم و من لهم السابقة في القدم فقالت فهل لك يا سيدي من فرحتين عاجلتين قال و ما هما قالت تجامعني الساعة و تأخذ هذه الدراهم و أبذل لك مائة من الإبل محملة تمرا و بسرا و سمنا فلما استتم كلامها قال إليك عني فما أقبح صورتك يا ويلك «2» أ ما علمت أنا قوم لا نركب الآثام «3» اذهبي و تناول سيفا كان عنده فانهزمت و رجعت خائبة فأقبل أبوه فوجده و سيفه مسلول و هو يقول شعرا.

         أ نرتكب الحرام بغير حل.             و نحن ذوو المكارم في الأنام.

             إذا ذكر الحرام فنحن قوم.             جوارحنا تصان عن الحرام.

 

فقال له أبوه يا ولدي ما جرى «4» عليك بعدي فأخبره بخبره و وصف له صفاتها فعرفها و قال له يا بني هذه زرقاء اليمامة «5» قد نظرت إلى النور الذي في وجهك يلوح فعرفت أنه الشرف الوكيد و العز الذي لا يبيد فأرادت أن تسلبه منك و الحمد لله الذي عصمك عنها ثم رحل به إلى مكة و زوجه بآمنة بنت وهب فلما رأته الزرقاء عرفته و علمت أنه تزوج فقالت أ لست صاحبي باليمامة في يوم كذا قال لها

__________________________________________________

 (1) فوقفت عند رأسه خ ل.

 (2) فى المصدر: اليك عنى، فما أشر غرتك، و أقبح طلعتك و خطابك؟ ما لك و لهذا الكلام؟

أ ما علمت.

 (3) فى المصدر زيادة هى: و لا نحب الحرام، اذهبى بالذلة و الارغام، إنى أظنك من نسل اللئام، فقالت له: يا هذا انى أزيد لك المال النوال (كذا)، و أبذل لك النوال، قال: فلما سمع كلامها و أنها لا تنتهى عما هى عليه قبض على سيفه، و هم أن يضربها به فوثبت هاربة، و رجعت خائبة.

 (4) و ما خ ل، و فى المصدر: فما جرى لك من بعدى؟

 (5) فى المصدر: كاهنة اليمامة.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 318

نعم فلا أهلا بك و لا سهلا يا ابنة اللخناء «1» قالت أين نور الذي كان في غرتك قال في بطن زوجتي آمنة بنت وهب قالت لا شك أنها لذلك أهل ثم نادت برفيع صوتها يا ذوي العز و المراتب إن الوقت متقارب و إن الأمر لواقع ما له من دافع فتفرقوا عني فقد جاء المساء و في الصباح يسمع مني الأخبار و أوقفكم على حقيقة الآثار فتفرقوا عنها.

قال فلما مضى من الليل شطره مضت إلى سطيح و قد خرج من مكة فقالت له ما ترى قال أرى العجب و الوقت قد قرب و حدثها بما قد جرى من قريش قالت له ما تشير به علي قال لها أما أنا فقد كبر سني و لو لا خيفة العار لأمرت من يريحني من الحياة و لكني سأذهب إلى الشام و أقيم بها حتى يأتيني الحمام فإنه لا طاقة لي به فإنه المؤيد المنصور و من يعاديه مقهور قالت يا سطيح و أين أعوانك لم لا يساعدونك على هذا الأمر و يعينونك على هلاك آمنة قبل أن يخرج من الأحشاء قال لها يا زرقاء و هل يقدر أحد أن يتعرض لآمنة فإن من تعرض لها عاجله التدمير من اللطيف الخبير أما أنا و أصحابي فلا نتعرض لها و الآن أنصحك فإياك أن تصلي إلى آمنة فإن حافظها رب السماوات و الأرض فإن لم تقبلي نصيحتي فدعيني و ما أنا عليه فلعلي «2» أموت الليلة أو غدا فلما سمعت مقالته أعرضت عنه و باتت ليلتها ساهرة فلما أصبح الصباح أقبلت إلى بني هاشم و قالت أنعم الله لكم الصباح لقد أشرفت بكم المحافل «3» و وفقتم إذ ظهر فيكم المنعوت في التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان فيا ويل من يعاديه «4»

__________________________________________________

 (1) بعده فى المصدر: قالت: فما فعل النور الذى كان فى وجهك؟ فقال: جزاك اللّه، ان أبى زوجنى بآمنة بنت وهب، و انتقل النور اليها، و انها لذلك أهل، فقالت: صدقت، و لا شك فيما ذكرت، فنادت بأعلى صوتها.

 (2) فى المصدر: فلا نتعرض لهذا الامر، لاننا لا نقدر عليه، و لا نجد فيه حيلة، و الان قد أعلمتك و نصحتك، فاقبلى نصيحتى، فانك لا تصلين الى آمنة و حافظها ربها، و لا يقدر عليها أحد، فان لم تقبلى نصيحتى فدعينى و ما أنا عليه من البلا، و ضعف القوى، فلعلى إه.

 (3) البطاح خ ل قلت: البطاح جمع البطحاء.

 (4) عانده خ ل.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 319

و طوبى لمن اتبعه «1» فلم يبق أحد من بني هاشم إلا فرح بما ذكرت الزرقاء و وعدوها بخير «2» فقالت لهم لست محتاجة إلى مال و لا رفاد و لكن ما جئت من الأقطار إلا لأخبركم بحقيقة الأخبار «3» فقال أبو طالب قد وجب حقك علينا فهل لك من حاجة قالت نعم أريد أن تجمع بيني و بين آمنة حتى أتحقق ما أخبركم به قال سمعا و طاعة فجاء بها إلى منزل آمنة فطرق الباب فقامت آمنة لفتح الباب فلاح من وجهها نور ساطع و ضياء لامع فسقطت «4» الزرقاء حسدا و أظهرت تجلدا فلما دخلت المنزل أتوها بطعام فلم تأكل و قالت سوف يكون لمولودكم هذا عجب عجيب و سوف تسقط الأصنام و تخمد الأزلام و ينزل على عبادها الدمار و يحل بهم البوار «5» ثم إنها خرجت من المنزل متفكرة في قتل آمنة و كيف تعمل الحيلة و جعلت تتردد إلى سطيح و تطلب منه المساعدة فلم يلتفت إليها و لا إلى قولها فأقبلت حتى نزلت على امرأة من الخزرج اسمها تكنا «6» و كانت ماشطة لآمنة فلما كان في بعض الليالي استيقظت تكنا فرأت عند رأس الزرقاء شخصا يحدثها و يقول.

         كاهنة اليمامة.             جاءت بذي تهامة.

 

__________________________________________________

 (1) لمن اتبعه و عاضده خ ل. و فى المصدر: طوبى لمن تبعه و عاضده، و الويل لمن خالفه و عانده.

        

 

 (2) فى المصدر: بما قالت الزرقاء و وعدها خيرا.

        

 

 (3) فى المصدر: فقالت لهم: ما أنا ذات فقر و لا إملاق، و إنى لكثير المال، جاهى طويل، و مالى جزيل، و ما أزعجنى عن الاوطان و اتانى إلى هذا المكان الا أبشركم.

        

 

 (4) فتقطعت خ ل و فى المصدر: فقطعت.

        

 

 (5) فى المصدر: فلما دخلت المنزل و استقر بها الجلوس أتوها بالطعام فأبت أن تأكل، و قال ما آكل زادكم، و لا أخرج من بلادكم حتى أنظر ما يكون من ولدكم، و سترون ما يظهر عند مولده من العجائب، من سقوط الاصنام، و ما ينزل بمعاديه من الدمار.

        

 

 (6) هكذا فى النسخة. و فى المصدر، و كذا فيما يأتى، و الصحيح تكنى، قال الفيروز آبادى:

تكنى بالضم: اسم امرأة.

        

 

 

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 320

         ستدرك الندامة.             إذا أتاها من له العمامة. «1»

 

فلما سمعت الزرقاء ذلك وثبت قائمة و قالت له لقد كنت صاحب الوفاء فلم حبست نفسك عني هذه المدة فإني في هموم متواترات و أهوال و كربات فقال لها يا ويلك يا زرقاء لقد نزل بنا أمر عظيم لقد كنا نصعد إلى السماء السابعة و نسترق السمع فلما كان في هذه الأيام القليلة طردنا من السماء و سمعنا مناديا ينادي في السماوات أن الله قد أراد أن يظهر المكسر للأصنام و مظهر عبادة الرحمن فامتنعوا جملة الشياطين من السماء و تحدرت علينا ملائكة بأيديهم شهب من نار فسقطنا كأننا جذوع النخل و قد جئتك لأحذرك فلما سمعت كلامه قالت له انصرف عني فلا بد أن أجتهد غاية المجهود في قتل هذا المولود فراح عنها «2» و هو يقول.

         إني نصحتك بالنصيحة جاهدا.             فخذي لنفسك و اسمعي من ناصح.

             لا تطلبي أمرا عليك وباله.             فلقد أتيتك باليقين الواضح.

             هيهات أن تصلي إلى ما تطلبي.             من دون ذلك عظم أمر فادح. «3»

             فالله ينصر «4» عبده و رسوله.             من شر ساحرة و خطب فاضح.

             عودي إلى أرض اليمامة و احذري.             من شر يوم سوف يأتي كادح.

 

ثم إنه طار عنها و تكنا «5» تسمع ما جرى بينهما و كأنها لم تسمع ما جرى‏

__________________________________________________

 (1) الشعر فى بعض النسخ هكذا.

         أمامة جاءت من اليمامة             أزعجها ذو همة و هامة

             لما رأت النور على أمامه             ذاك لاظهار النبى علامة

             محمد الموصوف بالكرامة             ستدرك الزرقاء به ندامة

             لهفى على سيدة اليمامة             اذا أتاها صاحب الغمامة

 و فى بعض النسخ صاحب العلامة. منه رحمه اللّه. قلت: و الاشعار ساقطة عن نسختى من المصدر، و كذا جملة مما بعدها إلى قوله: فقالت: يا اختاه.

 (2) أى ذهب و رجع عنها.

 (3) الفادح: الصعب المثقل.

 (4) يحفظ خ ل.

 (5) الصحيح: تكنى كما تقدم.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 321

فلما أصبحت جلست بين يدي الزرقاء فقالت ما لي أراك مغمومة قالت لها يا أختاه إن الذي نزل بي من الهموم و الغموم لخروجي من الأوطان و ذهابي من البلدان و تشتتي في كل مكان و تفردي عن الخلان قالت لها و لم ذلك قالت لها يا ويلك من حامل مولود «1» يدعو إلى أكرم معبود يكسر الأصنام و يذل السحرة و الكهان يخرب الديار و لا يترك بمكة أحدا من ذوي الأبصار و أنت تعلمين أن القعود «2» على النار أيسر من الذل و الصغار فلو وجدت من يساعدني على قتل آمنة بذلت له المنا و أعطيته الغنا «3» و عمدت إلى كيس «4» كان معها فأفرغته بين يدي تكنا «5» و كان مالا جزيلا فلما نظرت تكنا «6» إلى المال لعب بقلبها و أخذ بعقلها «7» و قالت لها يا زرقاء لقد ذكرت أمرا عظيما و خطبا جسيما و الوصول إليه بعيد و إني ماشطة لجملة نساء بني هاشم و لا يدخل عليهن غيري و لكن سوف أفكر لك فيما ذكرت و كيف أجسر على ما وصفت و الوصول إلى ما ذكرت قالت الزرقاء إذا دخلت على آمنة و جلست عندها فاقبضي على ذوائبها و اضربيها بهذا الخنجر فإنه مسموم فإذا اختلط الدم بالسم هلكت فإذا وقع عليك تهمة أو وجب عليك دية فأنا أقوم بخلاصك و أدفع عنك عشر ديات غير الذي دفعته إليك في وقتي هذا فما أنت قائلة قالت إني أجبتك لكن أريد منك الحيلة بأن تشغلي بني هاشم عني قالت الزرقاء إني هذه الساعة «8» آمر عبيدي أن يذبحوا الذبائح و يعملوا الخمور و يطرحوها في الجفان فإذا أكلوا و شربوا من ذلك ظفرت بحاجتك قالت لها تكنا «9» الآن تمت الحيلة فافعلي ما ذكرت فصنعت‏

__________________________________________________

 (1) من حاملة بمولود خ ل، و فى المصدر: من جهة مولود.

 (2) التلوح خ ل و هو الموجود فى المصدر.

 (3) فى المصدر: بذلت له الغنا، و أعطيت المنا. قلت فى عبارة الكتاب و مصدره تصحيف، و الصحيح: المنى، و الغنا اما مصحف الغناء أو الغنى.

 (4) فى المصدر: إلى مزود، قلت: المزود: ما يوضع فيه الزاد.

 (5) قد عرفت أن الصحيح: تكنى.

 (6) قد عرفت أن الصحيح: تكنى.

 (7) أخذ الشيطان بقلبها خ ل و فى المصدر: لما نظرت تكنى الى المال أخذ لبها و عقلها.

 (8) اريد هذه الساعة خ ل.

 (9) قد عرفت ان الصحيح: تكنى.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 322

الزرقاء ما ذكرت و أمرت عبيدها ينادون «1» في شوارع مكة أن «2» يجمعوا الناس فلم يبق أحد إلا و حضر وليمتها من أهل مكة فلما أكلوا و شربوا و علمت أن القوم قد خالط عقولهم الشراب أقبلت إلى تكنا و قالت قومي إلى حاجتك فقامت تكنا «3» و جاءت بالخنجر و رشت في جوانبه السم و دخلت على آمنة فرحبت بها آمنة «4» و سألتها عن حالها و قالت يا تكنا ما عودتيني بالجفاء «5» فقالت اشتغلت بهمي و حزني و لو لا أياديكم الباسطة علينا لكنا بأقبح حال و لا أحد أعز علي منك هلمي «6» يا بنية إلي حتى أزينك فجاءت آمنة و جلست بين يدي تكنا فلما فرغت من تسريح شعرها عمدت إلى الخنجر و همت أن تضربها به فحست تكنا كأن أحدا قبض «7» على قلبها فغشي على بصرها و كأن ضاربا ضرب على يدها فسقط الخنجر من يدها إلى الأرض فصاحت وا حزناه فالتفتت آمنة إليها و إذا الخنجر قد سقط من يد تكنا فصاحت آمنة فتبادرت النسوان إليها و قلن لها ما دهاك «8» قالت يا ويلكن أ ما ترين ما جرى علي من تكنا كادت أن تقتلني بهذا الخنجر فقلن يا تكنا ما أصابك ويلك تريدين أن تقتلي آمنة على أي جرم فقالت يا ويلكن قد أردت قتل آمنة و الحمد لله الذي صرف عنها البلاء فقالت الحمد لله على السلامة من كيدك يا تكنا فقالت لها النساء يا تكنا ما حملك على ذلك قالت لا تلوموني «9» حملني طمع الدنيا الغرور ثم أخبرتهن بالقصة و قالت لهن ويحكن دونكن الزرقاء اقتلنها قبل أن تفوتكن ثم سقطت ميتة فصاحت النسوان صيحة عالية فأقبل بنو هاشم إلى منزل آمنة فإذا

__________________________________________________

 (1) أن ينادوا خ ل.

 (2) و أن يجمعوا خ ل.

 (3) هو و ما قبله مصحف، و الصحيح: تكنى.

 (4) فى المصدر: فلما رأتها آمنة رحبت بها.

 (5) فى المصدر: و ما تعودت منك هذا الجفاء.

 (6) فى المصدر: و لا أجد ما أتقرب الى بعلك الا بزينتك، لما أعلم به من محبتك، هلمى.

 (7) كان قد خ ل.

 (8) أى ما أصابك من داهية؟.

 (9) لا تلممنى خ ل.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 323

بتكنا «1» ميتة و قد تجلل نور آمنة و نظروا إلى الخنجر و حكوا «2» لهم القصة فخرج أبو طالب ينادي أدركوا الزرقاء و قد وصلها الخبر فخرجت هاربة فتبعها الناس من بني هاشم و غيرهم فلم يدركوها و لم يلحقوها فسمع أبو جهل ذلك فقال وددت أنها قتلت آمنة و لكن حاد عنها أجلها و أرجو بسطيح أن يعمل أحسن مما عملت الزرقاء فلما سمع سطيح بخبر الزرقاء أمر غلمانه أن يحملوه على راحلته و سافر إلى الشام. «3»

فلما ولد رسول الله ص لم يبق صنم إلا سقط «4» و غارت بحيرة ساوه و فاض وادي سماوة و خمدت نيران فارس و ارتج إيوان كسرى و هو جالس و وقع «5» منه أربع عشرة شرفة فلما أصبح كسرى نظر إلى ذلك و هاله فدعا «6» بوزرائه و قال لهم ما هذا الذي حدث في هذه البلاد فهل عندكم من علم فقال الموبذان أيها الملك العظيم الشأن لقد رأيت إبلا صعابا تقودها خيل عراب و قد خاضت في الوادي و انتشرت في البلاد و ما ذاك إلا لأمر عظيم فبينما هم كذلك إذا ورد عليهم كتاب بخمود النيران كلها فزادهم هما و غما ثم أتاه بعد ذلك خبر البحيرة و الوادي «7» فأقبل على الموبذان فقال إنا لا نعلم أحدا من العلماء نسأله «8» عن ذلك فقال الموبذان إنا نكتب إلى النعمان بن المنذر كتابا لعله يعرف أحدا يعلم ذلك فكتب إلى النعمان كتابا فأرسل إليه رجلا اسمه عبد المسيح و كان ابن أخت سطيح فقال له كسرى هل عندك علم مما أريد أن أسألك عنه فقال لا و لكن لي خال اسمه سطيح يسكن في مشارف الشام يعرف خبرك و يعرف ما تريد فقال له كسرى اخرج إليه و اسأله عما أريد أن أسألك عنه‏

__________________________________________________

 (1) تقدم مكررا أن الصحيح: تكنى و كذا فيما قبلها.

 (2) و حكين خ ل صح.

 (3) حتى لحق بها خ.

 (4) فى المصدر: الا و أصبح مكبوبا على وجهه.

 (5) فى المصدر: و انشق و وقع.

 (6) فى المصدر: فهاله و دعا.

 (7) فى المصدر: بحيرة بالوادى.

 (8) فى المصدر: أحدا عالما نسأله.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 324

فإن أجاب عد إلي بالجواب أجزل لك الجائزة و النوال ثم خرج عبد المسيح إلى أن وصل إلى الشام فوجد سطيحا يجود بنفسه و يعالج سكرات الحمام فسلم عليه فلم يرد عليه السلام فلما كان بعد ساعة فتح عينيه و قال جاء عبد المسيح على جمل يسيح من عند كسرى يصيح بلسان فصيح مرسولا إلى سطيح سيد بني غسان يسأل عن ارتجاج «1» الإيوان و خمود النيران و رؤيا الموبذان كان إبلا صعابا تقودها خيل عراب و قد قطعت الوادي و انتشرت في البلاد ذلك و الله ما كنا نتوقع من خروج السفاك و مالك الأملاك يا عبد المسيح أقول لك قولا صحيحا «2» إذا فاض وادي سماوة و غارت بحيرة ساوه فليست الشام لسطيح بشام تظهر الدلالات و يملك منهم ملوك على عدد الشرفات المتساقطات و كل ما هو آت آت و يكون الراحة لسطيح في الممات ثم صرخ صرخة و مات ثم إن عبد المسيح خرج إلى كسرى فأخبره بما قاله سطيح فأعطاه و أنعم عليه لما أخبر بأن «3» يملك منهم أربعة عشر ملكا.

قال أبو الحسن البكري حدثنا أشياخنا و أسلافنا الرواة لهذا الحديث أنه لما تتابعت أشهر آمنة سمعت مناديا «4» ينادي من السماء مضى لحبيب الله كذا و كذا و كان تهتف بآمنة الهواتف في الليل و النهار و تخبر زوجها عبد الله بذلك فيقول لها اكتمي أمرك عن كل أحد «5» فلما مضى لها ستة أشهر لم تجد ثقلا «6» و لما كان الشهر

__________________________________________________

 (1) انفجاج خ ل و هو الموجود فى المصدر.

 (2) بقول صحيح خ ل.

 (3) بانه خ ل.

 (4) فى المصدر: فما من شهر يمضى الا و تسمع مناديا.

 (5) فى بعض النسخ: فلما أتى عليها شهر أتاها آدم عليه السلام فقال لها: بشراك يا آمنة، فقد حملت بسيد الانام، و فى الشهر الثانى أتاها إدريس عليه السلام و قال لها: قد حملت بالنبى النفيس، و فى الشهر الثالث جاءها نوح عليه السلام و قال: قد حملت بصاحب الفتوح، و فى الشهر الرابع جاءها ابراهيم الخليل عليه السلام و قال لها: بشراك بالنبى الجليل، و فى الشهر الخامس جاءها داود عليه السلام و قال لها: بشراك بصاحب المحمود، و فى الشهر السادس جاءها اسماعيل عليه السلام و قال لها: بشراك بصاحب التبجيل، و فى الشهر السابع جاءها سليمان (بن داود ظ) عليهما السلام و قال لها: بشراك بصاحب البرهان، و فى الشهر الثامن جاءها موسى الكليم عليه السلام و قال لها ليهنئك النبى الكريم، و فى الشهر التاسع جاءها المسيح عليه السلام و بشرها بصاحب القول الصحيح و اللسان الفصيح، و كان ذلك فى شهر ربيع الاول، و قيل: فلما مضى لها ستة أشهر إلى آخر ما فى المتن. منه عفى عنه. قلت: نسختى من المصدر خال عنه، و هو لا يخلو عن غرابة، خصوصا مطابقتهم صفاته صلى اللّه عليه و آله و سلم مع أسمائهم سجعا.

 (6) فى المصدر زيادة هى: و كانت كل يوم تزداد حسنا و جمالا و بهجة و كمالا. فلما دخلت فى الشهر السابع.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 325

السابع دعا عبد المطلب ولده عبد الله و قال يا بني إنه قرب ولادة آمنة و نحن نريد أن نعمل وليمة و ليس عندنا شي‏ء فامض إلى يثرب و اشتر لنا منها ما يصلح لذلك فخرج عبد الله من وقته و سافر حتى وصل إلى يثرب و طرقته حوادث الزمان فمات «1» بها و وصل خبره إلى مكة فعظم عليهم ذلك و بكى أهل مكة جميعا عليه و أقيمت المأتم في كل ناحية و ناح عليه أبوه و آمنة و إخوته و كان مصابا هائلا فظيعا فلما كان الشهر التاسع أراد الله تعالى خروج النبي ص و هي لم يظهر لها أثر الحمل و لا ما تعتاده النساء و كانت تحدث نفسها كيف وضعي و لم يعلم بي أحد من قومي و كانت دار آمنة «2» وحدها فبينما هي كذلك إذ سمعت وجبة «3» عظيمة ففزعت من ذلك فإذا قد دخل عليها طير أبيض و مسح بجناحه على بطنها فزال عنها ما كانت تجده من الخوف فبينما هي كذلك إذ دخل عليها نسوان طوال يفوح منهن رائحة المسك و العنبر و قد تنقبن بأطمارهن «4» و كانت من العبقري الأحمر و بأيديهن أكواب من البلور الأبيض قالت آمنة فقلن لي اشربي يا آمنة من هذا الشراب فلما شربت أضاء نور وجهي و علاه نور ساطع و ضياء لامع و جعلت أقول من أين دخلن علي هذه النسوة و كنت قد أغلقت الباب فجعلت أنظر إليهن و لم أعرفهن ثم قلن يا آمنة اشربي من هذا الشراب و أبشري بسيد الأولين و الآخرين محمد المصطفى ص و سمعت قائلا يقول.

         صلى الإله و كل عبد صالح.             و الطيبون على السراج الواضح.

             المصطفى خير الأنام محمد.             الطاهر العلم الضياء اللائح.

             زين الأنام المصطفى علم الهدى.             الصادق البر التقي الناصح.

             صلى عليه الله ما هب الصبا.             و تجاوبت ورق الحمام النائح.

 

__________________________________________________

 (1) قد روى خروجه لغير ذلك كما تقدم فى أخبار اخر.

 (2) و كانت آمنة فى دار وحدها خ ل.

 (3) الوجبة: السقطة مع الهدة أو صوت الساقط.

 (4) بأرياط لهن خ ل، قلت: الريطة: الملاءة اذا كانت قطعة واحدة و نسجا واحدا. كل ثوب يشبه الملحفة.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 326

ثم قمن النسوة و خرجن فإذا أنا بأثواب من الديباج قد نشرت بين السماء و الأرض و سمعت قائلا يقول خذوه و غيبوه عن أعين الناظرين و الحاسدين فإنه ولي «1» رب العالمين قالت آمنة فداخلني الجزع و الفزع و إذا أنا بخفقان «2» أجنحة الملائكة و إذا بهاتف قد نزل و سمعت تسبيحا و تقديسا و أرياشا مختلفة «3» هذا و لم يكن في البيت أحد إلا أنا فبينما أنا أقول في نفسي أنا نائمة أو يقظانة إذ لمع نور أضاء لأهل السماء و الأرض حتى شق سقف البيت و سمعت تسبيح الملائكة فبينما أنا متعجبة من ذلك إذ وضعت ولدي محمدا ص فلما سقط إلى الأرض سجد تلقاء الكعبة رافعا يديه إلى السماء كالمتضرع إلى ربه و سمعت من داخل البيت جلبة عظيمة و قائلا يقول شعرا.

         كم آية من أجله ظهرت فما.             تخفى و زادت في الأنام ظهورا.

             و رأته آمنة يسبح ساجدا.             عند الولادة للسماء مشيرا.

 

قالت آمنة و سمعت أصواتا مختلفة و إذا بسحابة بيضاء قد نزلت على ولدي فأخذته و غيبته عني فلم أره فصحت خوفا على ولدي و إذا بقائل يقول لي لا تخافي و سمعت قائلا يقول طوفوا بمحمد مشارق «4» الأرض و مغاربها و برها و بحرها و وعرها «5» و اعرضوه على الجن و الإنس ليعرفوا نعته قالت آمنة كان ما بين غيبته و رجوعه أسرع من طرفة عين و إذا هو قد جاءوا به إلي و هو مدرج في ثوب أبيض من صوف «6» و هو قابض على مفاتيح ثلاثة و رجل قائم على رأسه و هو يقول قبض محمد على مفاتيح النصر و مفاتيح النبوة و مفاتيح الكعبة فبينا أنا كذلك و إذا أنا بسحابة أخرى أعظم من الأولى‏

__________________________________________________

 (1) فى المصدر: حبيب.

 (2) أى صوت أجنحتها.

 (3) فى المصدر: أرياش مختلفة الالوان، حمر المناقير.

 (4) على مشارق خ ل.

 (5) فى المصدر: و سهلها و جبلها.

 (6) و هو مكحل مختون مدهون خ.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 327

و سمعت منها تسبيحا «1» و خفقان أجنحة الملائكة فنزلت و أخذت ولدي فدمعت عيني و رجف قلبي و إذا أنا بقائل يقول طوفوا بمحمد على مولد النبيين و اعرضوه على سائر المرسلين و أعطوه صفوة آدم ع و رأفة نوح ع و حلم إبراهيم ع و لسان إسماعيل ع و جمال يوسف ع و صبر أيوب ع «2» و صوت داود ع و زهد يحيى ع و كرم عيسى ع و شجاعة موسى ع و أعطوه من أخلاق الأنبياء قالت آمنة و رأيته قابضا على حريرة بيضاء مطوية طيا شديدا و الماء يخرج منها و قائل يقول قبض محمد على الدنيا بأسرها و لم يبق شيئا إلا و قد دخل في قبضته قالت فبينما أنا كذلك و إذا أنا بثلاثة نفر قد دخلوا علي و النور يظهر «3» من وجوههم يكاد نورهم يخطف الأبصار في يد أحدهم إبريق من فضة و في يد آخر طست من زبرجد أخضر فوضع الطست بين يديه و قال له يا حبيب الله اقبض من حيث شئت قالت آمنة فنظرت إلى موضع قبضته فإذا هو قد قبض على وسطها قالت فسمعت قائلا يقول قبض محمد على الكعبة و ما حولها و رأيت في يد الثالث حريرة مطوية و إذا بخاتم من نور يشرق كالشمس ثم حمل ولدي فناوله صاحب الطست و صب عليه الآخر من الإبريق سبع مرات ثم ختم بذلك الخاتم بين كتفيه ثم لفه تحت جناحه و غيبه عني و كان ذلك رضوان خازن الجنان ثم أخرجه و تكلم في أذنه بكلام لا أفهمه ثم قبله و قال أبشر يا محمد فإنك سيد الأولين و الآخرين و أنت الشفيع فيهم يوم الدين ثم خرجوا و تركوه ثم رأيت ثلاثة أعلام منصوبة واحد بالمشرق و واحد بالمغرب و الثالث على الكعبة «4» و تلك الأعلام من النور «5» مثل قوس السحاب.

قالت آمنة ثم رأيت بعد ذلك غمامة بيضاء قد نزلت من السماء على ولدي و غيبته عني ساعة طويلة فلم أره فحن عليه قلبي و قد حيل بيني و بينه و كأني نائمة مما جرى عليه فبينا أنا كذلك و إذا بولدي قد ردوه علي و إذا به مكحول مقمط بقماط

__________________________________________________

 (1) تصهيلا خ ل. و هو الموجود فى المصدر.

 (2) فى المصدر: و صبر يعقوب.

 (3) فى المصدر: يزهر.

 (4) فكشف اللّه عن بصرى فرأيت ما هناك خ، و هو الموجود فى المصدر.

 (5) قائمة بين السماء و الارض خ، و فى المصدر: و رأيت علما من نور قائم بين السماء و الارض.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 328

من حرير الجنة تفوح منه رائحة المسك الأذفر قال عبد المطلب كنت في الساعة التي ولد فيها رسول الله ص أطوف بالكعبة و إذا بالأصنام قد تساقطت و تناثرت و الصنم الكبير سقط على وجهه و سمعت قائلا يقول الآن «1» آمنة قد ولدت رسول الله ص فلما رأيت ما حل بالأصنام تلجلج لساني و تحير عقلي و خفق فؤادي حتى صرت لم أستطع الكلام فخرجت مسرعا أريد باب بني شيبة و إذا الصفا و المروة يركضان بالنور فرحا و لم أزل مسرعا إلى أن قربت من منزل آمنة و إذا بغمامة بيضاء قد عمت منزلها فقربت من الباب و إذا روائح المسك الأذفر و الند و العنبر قد عبقت «2» بكل مكان حتى عمتني الرائحة فدخلت على آمنة و إذا بها قاعدة و ليس عليها أثر النفاس فقلت أين مولودك أريد أن أنظر إليه قالت قد حيل بيني و بينه و لقد سمعت مناديا ينادي لا تخافي على مولودك و سيرد عليك بعد ثلاثة أيام «3» فسل عبد المطلب سيفه و قال أخرجي لي ولدي هذه الساعة و إلا علوتك به فقالت إنهم قد دخلوا به هذه الدار قال عبد المطلب فهممت بالدخول إلى الدار إذ برز لي شخص من داخل الدار كأنه النخلة السحوق لم أر أهول منه و بيده سيف و قال لي ارجع ليس لك إلى ذلك من سبيل و لا لغيرك حتى تنقضي زيارة الملائكة فخرجت خائفا مما رأيت من الأهوال.

قال صاحب الحديث بلغنا أن الساعة التي ولد فيها رسول الله ص طردت الشياطين و المردة هاربين و منهم من غمي عليه «4» و منهم من مات و أما سطيح و وشق «5» فماتا في تلك الليلة و أما زرقاء اليمامة فإنها كانت جالسة مع خدمها و جواريها إذ صرخت‏

__________________________________________________

 (1) فى المصدر: ألا أن.

 (2) قد أعبقت خ و هو الموجود فى المصدر.

 (3) فى المصدر: و قد أتانى آت فقال لى: يا آمنة لا تجزعى و لا تحزنى و لا تخرجى هذا المولود إلى ثلاثة أيام.

 (4) فى المصدر: و خرجوا هاربين، و من الجن من غمى عليه.

 (5) ذكرنا قبل ذلك ان الصحيح: شق.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 329

صرخة عظيمة و غشي عليها فلما أفاقت أنشأت تقول.

         أما المحال فقد مضى لسبيله.             و مضت كهانة معشر الكهان.

             جاء البشير فكيف لي بهلاكه.             هيهات جاء الوحي «1» بالإعلان.

 

فلما تمت له ثلاثة أيام دخل عليه جده عبد المطلب فلما نظر إليه قبله و قال الحمد لله الذي أخرجك إلينا حيث وعدنا «2» بقدومك فبعد هذا اليوم لا أبالي أصابني الموت أم لا ثم دفعه إلى آمنة فجعل يهش «3» و يضحك لجده و أمه كأنه ابن سنة قال عبد المطلب يا آمنة احفظي ولدي هذا فسوف يكون له شأن عظيم و أقبل الناس من كل فج عميق يهنئون عبد المطلب و جاءت جملة النساء إلى آمنة و قلن لها لم لم ترسلي إلينا فهنأنها بالمولود و قد عبقت بهن جمع رائحة المسك فكان يقول الرجل لزوجته من أين لك هذا فتقول هذا من طيب مولود آمنة فأقبلت القوابل ليقطعن سرته فوجدنه مقطوع السرة فقلن لآمنة ما كفاك أنك وضعت به حتى قطعت سرته بنفسك فقالت لهن و الله لم أره إلا على هذه الحالة «4» فتعجبت القوابل من ذلك و كانت تأتيها القوابل بعد ذلك و إذا به مكحولا مقموطا «5» فيتعجبن منه فلما مضى له من الوضع سبعة أيام أولم عبد المطلب وليمة عظيمة و ذبح الأغنام و نحر الإبل و أكل الناس ثلاثة أيام ثم التمس له مرضعة تربيه «6» على عادة أهل مكة. «7»

إيضاح الأطلال جمع الطلل بالتحريك و هو ما شخص من آثار الدار و الهمام‏

__________________________________________________

 (1) الامر خ ل.

 (2) أوعدنا خ ل.

 (3) هش: تبسم. و ارتاح و نشط.

 (4) فى المصدر: و اللّه ما مسسته و لا رأيته إلا كما ترون.

 (5) فى المصدر: مقمطا.

 (6) فى المصدر: و أكل الناس ثلاثة أيام، و ما فضل من ذلك الطعام رمى به فى البرية فأكلته الوحوش و السباع و الطيور، قال: فلما كان بعد ثلاثة أيام التمس له مرضعة تربيه. كمل الجزء السادس و الحمد للّه رب العالمين.

 (7) الانوار: مخطوط، و نسخته عندى موجود فيها اختلافات و زوائد، و قد ذكرت بعضها فى الذيل.

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 330

بالضم و تخفيف الميم الملك العظيم الهمة و الضرغام بالكسر الأسد و القمقام بالفتح السيد و المقدام بالكسر الرجل الكثير الإقدام على العدو و الحمام بالكسر الموت و المناكب لعله من النكبة بمعنى المصيبة و يقال كافحوهم إذا استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس و لا غيره و الكمي الشجاع و ذباب السيف بالضم طرفه الذي يضرب به و القصم الكسر و الهزبر بكسر الهاء و فتح الزاء الأسد و الجلاميد جمع الجلمود و هو الصخر و السراة بالضم جمع سري و هو الشريف قولها من يحظى هو على بناء المجهول من الحظوة و هي القدر و المنزلة و قال الجوهري لخن السقاء بالكسر أي أنتن و منه قولهم أمة لخناء و يقال اللخناء التي لم تختن انتهى و الورق بالضم جمع الأورق و هو الذي في لونه بياض إلى سواد و في القاموس الند طيب معروف أو العنبر و السحوق من النخل الطويلة و غمي على المريض و أغمي مضمومتين غشي عليه ثم أفاق.

تتمة مفيدة اعلم أن ظاهر أخبار المولد السعيد أن الشهب لم تكن قبله و إنما حدثت في هذا الوقت و هو خلاف المشهور و يمكن أن تكون كثرتها إنما حدثت عند ذلك و كانت قبل ذلك نادرة.

قال الرازي في تفسير قوله سبحانه فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ما ملخصه فإن قيل هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث لأن جميع الفلاسفة تكلموا في أسباب انقضاضها و قد جاء وصفها في شعر الجاهلية و قد روي عن ابن عباس أيضا ما يدل على كونها في الجاهلية فما معنى تخصيصها بمبعثه ص ثم أجاب بوجهين الأول أنها ما كانت قبل المبعث و هذا قول ابن عباس و أبي بن كعب و جماعة و هؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قد توالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة طعنا منهم في هذه المعجزة و كذا الأشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها مختلقة عليهم و منحولة و الخبر غير ثابت. و الثاني و هو الأقرب إلى الصواب أنها كانت موجودة إلا أنها زيدت بعد المبعث‏

                        بحار الأنوار، ج‏15، ص: 331

و جعلت أكبر و أقوى انتهى. «1»

و أقول يحتمل وجه ثالث و هو أن تكون هذه موجود قبل الإسلام بمدة ثم ارتفعت و زالت مدة مديدة ثم حدثت بعد الولادة أو البعثة و يؤيده ما روي عن أبي بن كعب أنه قال لم يرم بنجم منذ رفع عيسى ع حتى بعث رسول الله ص و سيأتي مزيد تحقيق في كتاب السماء و العالم إن شاء الله تعالى‏

 

 

 

 

نوشتن دیدگاه


تصویر امنیتی
تصویر امنیتی جدید